للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمر ونهي وخبر واستخبار، وهو معنى التوراة والإنجيل والقرآن وكل ما تكلم [الله] (١) به، هو معنى آية الكرسي، وآية الدين، وجمهور عقلاء بني آدم يقولون: إن فساد هذا معلوم بضرورة العقل وفطرة بني آدم، وهؤلاء عندهم: إن الملائكة تعبر (٢) عن المعنى القائم بذات الله، وأن الله نفسه لا يعبر بنفسه عن نفسه، وذلك يشبه -من بعض الوجوه- الأخرس الذي يقوم بنفسه معان، فيعبر غيره عنه بعبارته، وهم في ذلك مشاركون للجهمية الذين جعلوا غير الله يعبر عنه من [غير] (٣) أن يكون الله يتكلم، لكن هؤلاء يقولون: قام بنفسه معنى فتجعله كالأخرس، والجهمية تجعله بمنزلة الصنم الذي لا يقوم به معنى ولا لفظ.

فعارض هؤلاء (٤) طائفة (٥) قالت: إن القرآن هو الحرف والصوت، أو الحروف والأصوات، وقالوا: إن حقيقة الكلام هو الحروف والأصوات، ولم يجعلوا المعاني داخلة في مسمى الكلام، وهؤلاء وافقوا المعتزلة والجهمية في قولهم: إن الكلام ليس هو إلَّا الحروف والأصوات، لكن المعتزلة لا يقولون: إن الله تكلم بكلام قائم به (٦)،


(١) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٢) في س: يعبر.
(٣) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٤) في س: من هؤلاء.
(٥) هذه هي الطائفة الثَّانية التي نشأت بعد السلف والأئمة، وهي توافق السلف في إطلاق القول: بأنَّ كلام الله غير مخلوق، لكنهم يخالفونهم في القول: بأنَّ كلام الله ليس هو إلّا الحروف والأصوات، وأن المعاني ليست داخلة في مسمى الكلام.
وهم الكرامية والسالمية ومن وافقهما من أهل الكلام والحديث والفقه والتصوف.
ولم ينقل عن الأئمة الأربعة ونحوهم من أئمة المسلمين أنَّه قال بهذا.
(٦) فهم يقولون: إن كلامه محدث، وهو مخلوق. ويمكن الاطلاع على رأيهم في هذه المسألة في: شرح الأصول الخمسة -للقاضي عبد الجبار- ص: ٥٢٨.
ومقالات الإسلاميين -للأشعري- ٢٥٦٢. ومجموع الفتاوى -لابن تيمية =

<<  <  ج: ص:  >  >>