للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لزم أن يصدق حصول العلم والكلام له.

ولهذا كان أئمة السلف الذين عرفوا حقيقة قول من قال: مخلوق وأن معنى ذلك أن الله لم يقم به كلام، بل الكلام قام بجسم من الأجسام غيره، وعلموا أن هذا يوجب بالفطرة الضرورية أن يكون ذلك الجسم هو المتكلم بذلك الكلام دون الله، وأن الله لا يكون متكلمًا أصلًا، صاروا (١) يذكرون قولهم بحسب ما هو عليه في نفسه، وهو أن الله لا يتكلم وإنَّما خلق شيئًا تكلم به (٢)، وهكذا كانت الجهمية تقول أولًا، [ثمّ] (٣) إنَّها زعمت أن المتكلم من فعل الكلام، ولو في غيره، واختلفوا هل يسمى متكلمًا حقيقة أو مجازًا؟ على قولين: فلهم في تسمية الله تعالى متكلمًا بالكلام المخلوق ثلاثة أقوال:

أحدها: وهو حقيقة قولهم وهم فيه أصدق لإظهارهم كفرهم أن الله لا تكلم ولا يتكلم.

والثاني: وهم فيه متوسطون في النفاق أنَّه يسمى متكلمًا بطريق المجاز.

والثالث: وهم فيه منافقون نفاقًا محضًا أنَّه يسمى متكلمًا بطريق الحقيقة، وأساس النفاق الذي ينبغي (٤) عليه الكذب، فلهذا كانوا من أكذب النَّاس في تسمية الله متكلمًا بكلام ليس قائمًا به، وإنَّما هو مخلوق في غيره، كما كانوا كاذبين مفترين في تسمية الله عالمًا قادرًا مريدًا متكلمًا، بلا علم يقوم به، ولا قدرة، ولا إرادة، ولا كلام، فكانوا وإن نطقوا بأسمائه فهم (٥) كاذبون بتسميته بها، وهم ملحدون في الحقيقة


(١) في ط: وصاروا.
(٢) في س، ط: عنه.
(٣) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٤) في الأصل: بين. وفي ط: بني. والمثبت من: س.
(٥) في الأصل: منهم. والمثبت من: س، ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>