للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوجب أن يكون كلامًا لتلك الذات ولا يكون كلامًا لله -تعالى- ولأنه لو جاز أن يكون كلامًا لله -تعالى- يقال له كلامه وصفته، لجاز أن يقال مثل ذلك في سائر الصفات، مثل الكون واللون والحركة والسكون والإرادة، إلى غير ذلك من الصفات، وهذا مما اتفقنا (١) على بطلانه.

ومحال أن يكون خلقه لا في محل من جهة أن الكلام صفة، والصفات لا بد لها من محل تقوم به، ولو جاز أن يقال: كلام الله لا في محل، لجاز أن يقال: إرادة وحركة وشهوة وفعل ولون لا في محل، وهذا مما يعلم إحالته قطعًا، وإذا بطلت هذه الأقسام ثبت أنه غير مخلوق.

ثم قال (٢): قالوا: قد وصفنا (٣) الباري بأشياء حدثت في غيره، ألا ترى أنا نصفه بأنه محسن بإحسان أحدثه في حق عباده، ونصفه بأنه كاتب لوجود كتابة أحدثها في اللوح المحفوظ، فما كان يمتنع بأن (٤) يكون ها هنا مثله؟

قلنا: الإحسان صفة قائمة بنفس المحسن، وليس (٥) توقف وصفه بهذه الصفة على وجود الإحسان منه، وإذا ظهر إحسانه على خلقه كان


(١) في ط: اتفقنا.
(٢) أورد نحوه البغدادي في "أصول الدين" ص: ١٠٧، فقال: "فإن قالوا: أليس قد يحدث الله تعالى في غيره نعمة وفعلًا وفضلًا، ويكون هو المنعم المتفضل الفاعل به، دون المحل الذي وقع فيه الفعل والنعمة والفضل، فما أنكرتم أنه يحدث -أيضًا- كلامًا في غيره فيكون هو المتكلم به دون المحل. . . قيل: إن الأوصاف الصادرة من خصوص أوصاف هذه الأفعال راجعة إلى محلها، لأن الفعل أو النعمة أو الفضل إن كان حياة فالمحل بها هي وإن كان قدرة أو علمًا أو لذة أو حركة فالمحل بها قادر عالم أو ملتذ متحرك، كذلك خصوص أوصاف الكلام يجب أن يرجع إلى محله دون فاعله".
(٣) في س، ط: وصفت.
(٤) في س، ط: أن.
(٥) في س: لئن.

<<  <  ج: ص:  >  >>