للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول خصمها، لا على صحة قولها.

أما الذين ينفون الخلق عنه (١)، فأدلتهم عامتها مبنية على أنه لا بد من قيام الكلام به، وأنه يمتنع أن يكون متكلمًا بكلام لا يقوم إلا بغيره وهذا أصل صحيح وهو من أصول السلف الذين بينوا [به] (٢) فساد قول الجهمية.

وأما الذين قالوا: مخلوق فليس لهم حجة إلّا ما يتضمن أنه متعلق بمشيئته وقدرته، وأن ذلك يمنع كونه قديمًا، وذلك كقوله: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا} (٣) {وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ} (٤)، {أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ} (٥)، لا يكون إلّا بعد وجود المخبر عنه وإلّا كان كذابًا، لأنه إخبار عن الماضي، وكذلك إخباره عن أقوال الأمم المتقدمة، ومخاطبة (٦) بعضهم بعضًا بقوله: قالوا، وقالوا كذلك، فهذا لا يكون إلّا بعد وجود المخبر عنه.

وقولهم (٧): إنه موصوف بأنه مجعول عربيًّا، وإنه أحكمت آياته ثم فصلت، وهذا إخبار بفعل منه تعلق به، وذلك يوجب تعلقه بمشيئته وقدرته، وقد نص أحمد على أن (الجعل) فعل من الله غير (الخلق) كما تقدم ذكر لفظه (٨).

وقد حققوا (٩) ذلك بأن الله ذكر أنه جعله عربيًّا على وجه الامتنان علينا به، والامتنان إنما يكون بفعله المتعلق بمشيئته وقدرته، لا بالأمور


(١) في س، ط: عنهم.
(٢) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٣) سورة نوح، الآية: ١.
(٤) سورة النساء، الآية: ١٦٣.
(٥) سورة يونس، الآية: ١٣.
(٦) في س: مخاطبتهم.
(٧) في س: قوله.
(٨) راجع: ص: ٣٠٣. وانظر: الرد على الجهمية للإمام أحمد ص: ١٠٨، ١٠٩.
(٩) في س: حقوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>