للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنور، وهذا هو (١) الكمال في الكلام أن يتكلم المتكلم إذا شاء، فأما العاجز عن الكلام فهو ناقص قبيح، وأما الَّذي يلزمه الكلام ولا يتعلق بمشيئته واختياره فإنه يكون -أيضًا- عاجزًا ناقصًا، كالذي يصوت بغير اختياره، كالأصوات الدائمة التي تلزم الجمادات بغير اختيارها، مثل النواعير (٢).

ولما أقام الحجة بتكليم الله تعالى موسى، وأنه تكلم ويتكلم، وأن ذلك ممكن، من غير حاجة إلى جوف وفم وشفتين ولسان، إذا (٣) كان من المخلوقات ما (٤) يتكلم، وينطقها الله - تعالى - بدون حاجة إلى ذلك، فالخالق - سبحانه - أولى بالغناء من المخلوق، إذ كل ما ثبت للمخلوق من صفة كمال كالغناء، فالله - تعالى - أولى به، فالله - سبحانه - أحق بالاستغناء عن ما استغنت عنه المخلوقات في كلامها، ذكر أن الجهمي لما خنقته الحجج قال (٥): إن الله كلم موسى إلّا أن كلامه غيره.

قلنا: غيره مخلوق؟

قال: نعم.

قلنا: هذا مثل قولكم الأول، إلّا أنكم تدفعون الشنعة عن أنفسكم (٦) بما تظهرون.


(١) هو: ساقطة من: س.
(٢) النواعير: جمع ناعور، وهو آلة يسقى بها يديرها الماء ولها صوت. والناعورة: الدولاب.
انظر: لسان العرب -لابن منظور - (٥/ ٢٢) (نعر).
(٣) في س: إذ.
(٤) في ط، "و".
(٥) الرد على الجهمية: ص: ١٣٢.
(٦) في الرد على الجهمية: تدفعون عن أنفسكم الشنعة. . .

<<  <  ج: ص:  >  >>