للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذي اتفقوا عليه أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وهو كلام الله حيث تلي وحيث كتب، وهو قرآن واحد، وكلام واحد، وإن تنوعت الصور التي يتلى فيها ويكتب، من أصوات العباد ومدادهم، فإن الكلام (١) كلام من قاله مبتدئًا لا كلام من بلغه مؤديًا.

فإذا سمعنا محدثًا يحدث بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات" (٢). قلنا: هذا كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لفظه ومعناه، مع علمنا أن الصوت صوت المبلغ، لا صوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهكذا كل من بلغ كلام غيره من نظم ونثر، ونحن إذا قلنا هذا كلام الله، لما نسمعه من القارئ ونرى في المصحف، فالإشارة إلى الكلام من حيث هو هو، مع قطع النظر عما اقترن به البلاع من صوت المبلغ ومداد الكاتب، فمن قال:


= راجع: مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية -كتاب مذهب السلف القويم في تحقيق مسألة كتاب الله الكريم - ٣/ ١ / ٣٨٠، ٣٨١.
وشيخ الإسلام -رحمه الله- بين هذه المسألة غاية البيان في كتابه العظيم "درء تعارض العقل والنقل ٢/ ٣١٠ - ٣٢٣ ".
(١) في س: الكلام.
(٢) أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما الأعمال. . . " الحديث.
صحيح البخاري ١/ ٢ باب كيف كان بدء الوحي.
ومسلم بلفظ: "إنما الأعمال بالنِّيَّة. . . " ٣/ ١٥١٥ كتاب الإمارة - باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنِّيَّة" الحديث / ١٥٥.
وهذا الحديث اتفق العلماء على صحته، وتلقيه بالقبول، وهو أحد الأحاديث التي يدور الدين عليها.
يقول الشافعي -رحمه الله-: "هذا الحديث ثلث العلم، ويدخل في سبعين بابًا من الفقه".
وعن الإمام أحمد -رحمه الله- قال: "أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث. . . " وذكر أن أحدها حديث عمر - رضي الله عنه.
انظر: جامع العلوم والحكم -لابن رجب- ص: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>