للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن التصديق قول في النفس يتضمن المعرفة، هو اختيار ابن الباقلاني وابن الجويني، وهؤلاء قد صرحوا بأنه يتضمن المعرفة، ولا يتصور أن يقوم في النفس تصديق مخالف لمعرفة كما (١) ذكروه، ولو جاز أن يصدق بنفسه بخلاف علمه واعتقاده لانتقض (٢) أصلهم في الإيمان إذا (٣) كان التصديق لا ينافي اعتقاد خلاف ما صدق به، فلا يجب أن يكون مؤمنًا بمجرد تصديق النفس على هذا التقدير، وكل من القولين ينقض ما استدل به على أن التصديق غير العلم.

قال النيسابوري (٤): "وحكى الإمام أبو القاسم الإسفرائيني اختلافًا عن أصحاب أبي الحسن (٥) في التصديق"، ثم قال (٦) والصحيح


= لا يتصورون الفرق بين معرفة القلب وتصديقه، ويقولون: إن ما قاله ابن كلاب والأشعري من الفرق كلام باطل لا حقيقة له".
وفي نظري: أنَّه لا فرق بين المعرفة والتصديق، ذلك أنَّه لا يمكن لأحد أن يصدق بشيء ما لم يعرفه.
وهناك فرق بين رأي الأشاعرة والجهمية في الإيمان:
فرأي الجهمية: والذي هو أقبح قول قيل في الإيمان وأفسده: تصديق بالقلب فقط، ولم يجعلوا أعمال القلوب -من محبة الله ورسوله، ومحبة ما يحبه الله ورسوله، وبغض ما يبغضه الله ورسوله، والتوكل على الله وخشيته، وغير ذلك من أعمال القلوب- من الإيمان.
ورأي الأشاعرة هو تصديق بالقلب فقط، ولكن أعمال القلوب داخلة فيه، ومن هنا يظهر الفرق بين الرأيين، وأن رأي الجهمية أشنع وأفسد.
(١) في الأصل: ما. وأثبت ما رأيته مناسبًا لسياق الكلام من: س، ط.
(٢) في الأصل: لا ينتقض. وأثبت المناسب للكلام من: س، ط.
(٣) في الأصل: إذ. والمثبت من: س، ط.
(٤) هو: أبو القاسم سليمان بن ناصر الأنصاري النيسابوري، شارح الإرشاد للجويني وقد تقدم الكلام عليه وعلى شرحه ص: ٦٤٣.
(٥) في الأصل: الحسين. والمثبت من: س، ط. وهو الصحيح في كنيته. وتقدم التعريف به ص: ١٦٧.
(٦) القائل: الإسفرائيني.

<<  <  ج: ص:  >  >>