للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكذلك كلما كفرنا به المخالف من طريق التأويل، فإنما كفرناه به لدلالته على فقد ما هو إيمان من قلبه، لاستحالة أن يقضي (١) السمع بكفر من معه الإيمان والتصديق بقلبه".

قال (٢): "ومن أصحابنا من قال بالموافاة (٣)، فيشترط في الإيمان الحقيقي أن يوافي ربه به، ويختم عليه، ومنهم من لم يجعل ذلك شرطًا فيه في الحال، وهل يشترط في الإيمان الإقرار؟ اختلفوا فيه بعد (٤) أن لم


(١) في الأصل: يغض. ولا معنى لها. والمثبت من: س، ط.
(٢) القائل: أبو القاسم الأنصاري.
(٣) الموافاة عند الأشاعرة يبينها التفتازاني بقوله: "ومعنى الموافاة: الإتيان والوصول إلى آخر الحياة، وأول منازل الآخرة، ولا خفاء في أن الإيمان المنجي، والكفر المهلك هو ما يكون في تلك الحال، وإن كان مسبوقًا بالضد، لا ما ثبت أولًا وتغير إلى الضد، فلهذا يرى الكثير من الأشاعرة القول بأن العبرة بإيمان الموافاة وسعادتها، بمعنى أن ذلك هو المنجي، لا بمعنى أن إيمان الحال ليس بإيمان وكفره ليس بكفر، وكذا السعادة والشقاوة، والولاية والعداوة. . ".
راجع: شرح المقاصد -لسعد الدين التفتازاني- ٢/ ٢٦٣، ٢٦٤.
فجمهور الأشاعرة يرون عدم جواز الاستثناء في الإيمان في الماضي والحاضر، لأن ذلك يعتبر عندهم شكًّا في الإيمان.
أما في المستقبل -أي: باعتبار الموافاة- فيرون جواز الاستثناء في الإيمان، وحجتهم في ذلك أن الإنسان لا يدري ما يوافي الله تعالى به من الإيمان فخاتمته مجهولة، فيستثنى في ذلك رجاء حسن العاقبة.
وشيخ الإسلام -رحمه الله- بين في كتابه "الإيمان" ص: ١٢٠، ١٢١: أن القول بأن الإيمان هو ما يوافي به العبد ربه قول محدث لم يقله أحد من السلف -رحمهم الله- بل ليس في الشرع ما يدل عليه، لكن هؤلاء ظنوا أن الذين استثنوا في الإيمان من السلف كان هذا مأخذهم، لأن هؤلاء وأمثالهم لم يكونوا خبيرين بكلام السلف، بل ينصرون ما يظهر من أقوالهم بما تلقوه عن المتكلمين من الجهمية ونحوهم من أهل البدع.
(٤) في الأصل: بل. وأثبت ما رأيته مناسبًا من: س، ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>