للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه التاسع عشر:

هو متضمن للجواب عما ذكرناه من السؤال عن أن المتناقضين لا يعين (١) الصادق، وهو أن نقول (٢): لا ريب أن قولهم: إن العلم ينافي الكذب النفساني هو الصواب، دون قولهم: إنه قد يجامع الكذب النفساني، وإن لم يكن العلم مستلزمًا لخبر نفساني صدق، وهذا أمر يجده المرء من نفسه ويعلمه بالضرورة أن ما (٣) علمه لم (٤) يمكن أن يقوم بنفسه خبر ينافي ذلك، بل لو كلف ذلك كلف الجمع بين النقيضين، ولهذا لم يتنازع الناس في أنَّه يمتنع تكليف الإنسان أن يعتقد خلاف ما يعلمه، ولو كان في الإمكان خبر نفساني ينافي العلم لأمكن أن يطلب ذلك من الإنسان، فإنه يمكن أن يطلب منه كل ما يقدر عليه (٥) سواء قيل إن ذلك جائز في الشريعة أو لم يمكن، كما أن طلب الكذب ممكن والتكليف به ممكن (٦)، وأما طلب كذب نفساني يخالف العلم، فهذا مما


(١) في الأصل، س: لا معين. والمثبت من: ط. وبه يتضح المعنى.
(٢) في الأصل: الصادق أن يقولوا. وفي س: الصادق أن يقول. والمثبت من: ط. وبه يتضح المعنى.
(٣) في س: أما.
(٤) في س، ط: لا وهو الصواب.
(٥) عليه: ساقطة من: س.
(٦) طلب الكذب يكون ممكنًا كأن يؤمر الإنسان به في بعض الحالات، كالصلح بين المتخاصمين، أو التخذيل في الحرب، كما ورد في الحديث عن أم كلثوم - رضي الله عنها - قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ليس بالكاذب من أصلح بين الناس، فقال خيرًا، أو نمى خيرًا".
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
سنن الترمذي ٤/ ٣٣١ - كتاب البر والصلة - باب ما جاء في إصلاح ذات البين - الحديث / ١٩٣٨.
وقد ورد في قصة طويلة أن نعيم بن مسعود الأشجعي جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - =

<<  <  ج: ص:  >  >>