للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولحق بالبصرة، فلم يزالوا أذلة مقموعين، لا يقبل لهم قول، ولا يلتفت لهم إلى رأي، حتى ركنوا إلى بعض السلاطين الذين لم يجالسوا العلماء ولم يزاحموا الفقهاء. . . ".

فاستغل المعتزلة (المأمون) الخليفة العباسي أبا جعفر عبد الله بن هارون الرشيد (١)، واتخذوه أداة لنشر ضلالتهم، وترويج بدعتهم، فزينوا له القول بخلق القرآن، فصار إلى مقالتهم، وحمل الناس عليها، وأكرههم على اعتناقها، وكان قبل ذلك مترددًا في الدعوة إلى إظهار هذه البدعة، وحمل الناس عليها، ربما كان ذلك لأنه يراقب بقايا الشيوخ الذين لهم مكانة في نفوس الناس (٢)، لكنه في آخر أيامه عزم على إظهار هذا القول وإكراه الناس عليه.

فكتب إلى نائبه ببغداد إسحاق بن إبراهيم (٣) كتابًا (٤) يأمره فيه بامتحان القضاة والعلماء بالقول بخلق القرآن، وأن يرسل إليه جماعة منهم عينهم بكتابه (٥).


= ودعا إلى الضلالة، وكان من المحنة ما كان".
قال ابن الجوزي: "لما توفي الرشيد كان الأمر كذلك في زمن الأمين، فلما ولي المأمون خالطه قوم من المعتزلة فحسنوا له القول بخلق القرآن. . . ".
مناقب الإمام أحمد- ص: ٣٨٦.
(١) ستأتي ترجمته في الكتاب المحقق.
(٢) انظر: مناقب الإمام أحمد -لابن الجوزي- ص: ٣٨٦.
(٣) هو: أبو الحسن إسحاق بن إبراهيم بن مصعب الخزاعي، صاحب الشرطة ببغداد أيام المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل، كان مقربًا من الخلفاء ذا رأي وشجاعة، توفي سنة ٢٣٥ هـ.
انظر: الكامل -لابن الأثير- ٧/ ٥٢.
والأعلام -للزركلي- ١/ ٢٨٣، ٣٨٤.
(٤) انظر نصه في تاريخ الطبري ٨/ ٦٣١، ٦٣٢.
(٥) وهم: محمد بن سعد كاتب الواقدي، وأبو مسلم مستملي يزيد بن هارون، ويحيى بن معين، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وإسماعيل بن أبي مسعود، وأحمد بن الدورقي، وإسماعيل بن داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>