للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإما بحيلته، ومع العجز يشبهون المنافقين، يستعملون التقية (١) والنفاق كحال المنافقين، وذلك لأن البدع مشتقة من الكفر، فإن المشركين وأهل الكتاب، هم مع القدرة يحاربون المؤمنين، ومع العجز ينافقونهم.

والمؤمن مشروع له، مع القدرة، أن يقيم دين الله -بحسب الإمكان- بالمحاربة وغيرها، ومع العجز يمسك عما عجز عنه من الانتصار، ويصبر على ما يصيبه من البلاء من غير منافقة، بل يشرع له من المداراة ومن التكلم بما يكره عليه ما جعل الله له فرجًا ومخرجًا.

ولهذا كان أهل السنة مع أهل البدعة بالعكس، إذا قدروا عليهم لا يعتدون عليهم بالتكفير والقتل وغير ذلك، بل يستعملون معهم العدل الَّذي أمر الله به ورسوله، كما فعل عمر بن عبد العزيز (٢)


(١) التقية: اسم مصدر لتوقى واتقى. تقول: توقيت الشيء واتقيته وتقيته تقى وتقية أي: حذرته.
يقول أحمد أمين: "ومعناها أن يحافظ المرء على عرضه أو نفسه أو ماله مخافة عدوه، فيظهر غير ما يضمر، فهي مداراة وكتمان، وتظاهر بما ليس هو الحقيقة.
وهي عند الشيعة: النظام السري في شؤونهم، فإذا أراد الإمام الخروج والثورة على الخليفة وضع لذلك نظامًا وتدابير، وأعلم أصحابه بذلك فتكتموه، وأظهروا الطاعة حتَّى تتم الخطط المرسومة، فهذه تقية، وإذا أحسوا ضررًا من كافر أو سني داروه وجاروه وأظهروا له الموافقة، فهذه أيضًا تقية. وهكذا.
والتقية عند الشيعة جزء مكمل لتعاليمهم، تواصوا به وعدوه مبدأ أساسيًّا في حياتهم، وركنًا من دينهم ورووا فيه الشيء الكثير عن أئمتهم، وانبنى عليه تاريخهم" انظر: تاج العروس -للزبيدي- ١٠/ ٣٩٦ (وقى). وضحى الإسلام -لأحمد أمين- ٣/ ٢٤٦، ٢٤٧. والخطوط العريضة -لمحب الدين الخطيب- ص: ٨، ٥٤، ٥٥.
(٢) هو: أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، الإمام العادل والخليفة الزاهد، أمير المؤمنين، توفي سنة ١٠١ هـ، وله أربعون سنة إلَّا ستة أشهر، ومدة خلافته سنتان ونصف -رحمه الله-. =

<<  <  ج: ص:  >  >>