للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يطابق ذلك، ومعنى الخبر عن الجنة (١) والنار يطابق ذلك فإذا كان معنى هذا الخبر هو حقيقة معنى هذا الخبر وكلاهما مطابق لمخبره لزم أن يكون هذا المخبر هو هذا المخبر، فيلزم أن تكون الحقائق الموجودة كلها شيئًا واحدًا، فتكون الجنة هي النار والملائكة هم الشياطين، والموجود هو المعدوم، والثبوت هو الانتفاء، وفي ذلك من اجتماع النقيضين ما لا يحصى.

وهذا لازم لقولهم لا محيد عنه، فإن الخبر الصادق الحكم الذهني، والحكم الذهني يطابق الحقيقة الموجودة، وكل أخبار الله صادقة، فإذا كانت جميعها حقيقة واحدة ليس فيها تغاير -أصلًا- وذلك هو الحكم الذهني -لزم أن يكون هذه الحقيقة مطابقة للوجود الخارجي، بخلاف الخبر الكذب، فإنه لا يجب مطابقته (٢) للوجود الخارجي، والحكم الواحد الذهني الذي لا تغاير فيه بوجه من الوجوه إذا طابق المحكوم به لزم أن يكون المحكوم به كذلك، وإلا لم يكن مطابقًا، وكذلك فإن الله أمر بالإيمان والصلاة والزكاة، ونهى عن الكفر والكذب والظلم، فإذا كانت (٣) حقيقة الأمر هي حقيقة النهي وإنما لها نسبة إلى الأفعال فقط لم يكن فرق بين المأمور به والمنهي عنه [بل إذا قيل: إن المنهي عنه مأمور به والمأمور به منهي عنه] (٤) لم يمتنع ذلك، إذا (٥) كانت الحقيقة واحدة وإنما اختلف التعليق، والتعلق ليس له حقيقة يمنع الاختلاف، بل يمكن فرض تعلقه أمرًا كتعلقه نهيًا مع أن الحقيقة باقية،


(١) في الأصل: الجن. وهو خطأ. والمثبت من: س، ط.
(٢) في س: مطابقة.
(٣) في س، ط: كان.
(٤) ما بين المعقوفتين ساقط من: س.
(٥) في الأصل، ط: إذ. والمثبت من: س.

<<  <  ج: ص:  >  >>