للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه التاسع والأربعون:

أن حقيقة قولهم: نفي القسمين جميعًا عن كلام الله، فإن المعقول في الكلام سواء قدر كليًّا، أو موجودًا معينًا أن منه ما هو أمر ومنه ما هو خبر، فإذا أريد قسمة الكل قيل (١): الكلام والقول ينقسم إلى الأمر والنهي، فيكون الأمر موجودًا والنهي موجودًا، وكلاهما يقال له: كلام ويقال له: قول، وأما كلام هو بعينه موجود (٢) في الخارج، وهو بعينه أمر ونهي فهذا لا يكون، وإذا أريد قسمة الكلي قيل: هذا الكلام الموجود منه ما هو أمر ومنه ما هو نهي، وهم يقولون كلام الله ليس بعضه أمرًا وبعضه نهيًا ولا بعضه خبرًا، فإن ذلك يقتضي ثبوت الأبعاض له ولا بعض له، ولا هو -أيضًا- كليًّا ينقسم إلى الأمر والنهي فإن ذلك يقتضي أن يكون الأمر غير النهي، بل هو عندهم معنى واحد موجود في الموصوف هو الأمر والنهي [والخبر] (٣).

وأما الموصوف فإن ظهور انتفاء القسمة الأولى عنه (٤) لا يحتاج إلى بيان، فإنه ليس وجودًا كليًّا ينقسم إلى القديم والمحدث والواجب والممكن والخالق والمخلوق، فإن هذا قول بعدمه -إذ الكلي لا وجود له في الخارج- وقول مع ذلك بأنه يكون خالقًا ويكون مخلوقًا وقديمًا ومحدثًا، أي بعض أنواعه هو الخالق وبعض أنواعه المخلوق، ومعلوم أن الذي هو كذلك ليس هو الخالق القديم سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.


(١) في جميع النسخ: قبل. وأثبت ما يستقيم به الكلام.
(٢) في س: مو. وهو تصحيف.
(٣) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٤) في الأصل: عنده. وأثبت المناسب من: س، ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>