للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو وغيره -من أهل الكلام من المعتزلة ومن اتبعهم من الأشعرية- فيه ما يوجب أن يلزمهم قول أولئك الاتحادية، فإنه يقول: هو الوجود المطلق، ويصفونه (١) بالصفات السلبية التي لا تنطبق إلّا على المعدوم كالوجود المطلق الكلي الذي لا جود له في الخارج، لكن لازم قول الناس ليس هو نفس قولهم الذي قصدوه.

وتحقيق الأمر: أن هؤلاء يجمعون بين إثبات الباري ونفيه وبين الإقرار به وإنكاره، ولا يقرون بأنه وجود المخلوقات، وأما أولئك الاتحادية فمع تناقضهم صرحوا بأنه وجود المخلوقات.

والمقصود هنا: أن الباري تعالى وإن كانت هذه القسمة والتبعيض منتفية عنه، فقولهم: إنه واحد ليس بذي أبعاض معناه عندهم أنه واحد متميز عن غيره موجود لا بعض له، وإذا كان كذلك [كان كلامه معنىً واحدًا] (٢) ومن أصلهم أن كلام الله شيء موجود قائم بالمتكلم لا يتبعض ولا ينقسم، أي ليس منه ما هو أمر ومنه ما هو نهي، ومنه ما هو خبر بحيث يكون ليس هذا هو هذا، بل الذي هو الأمر هو (٣) النهي وهو الخبر، والباري عندهم شيء واحد، أي: ليس بجسم ذي أبعاض، واحد هذين النوعين ليس من جنس الآخر؛ لأنه إنما يصلح أن يستدل (٤) بنفي هذا التبعيض أن (٥) لو كان بعض الكلام يقوم ببعض، وبعضه يقوم ببعض آخر، فيقال: يلزم من نفي تبعض الموصوف نفي تبعض الصفة القائمة به، بل إذا قيل: إن الكلام حقائق فكل حقيقة تقوم بالموصوف


(١) في ط: يصفه.
(٢) ما بين المعقوفتين زيادة أثبتها لعل الكلام يستقيم بها. وهو بياض في: الأصل، س- بقدر كلمتين. والكلام متصل في: ط.
(٣) في الأصل: وهو. والمثبت من: س، ط.
(٤) في ط: يستدل.
(٥) في س: أنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>