للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القائم بالنفس المفهوم من {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} " (١) ولا شك في أن المعنى في صيغ الأمر ليس هو المعنى (٢) في صيغ الإخبار، فإما أن يسلم هذا أو يمنع، فإن سلم كما سلم بعضهم أن الكلام خمس حقائق تكلم معه حينئذ وإن لم يسلم قيل له:

العلم باختلاف هذه المعاني ضروري بديهي ليس هو بدون العلم بتعاقب الحروف والمعاني ولا بدون العلم باختلاف الأصوات، بل أصوات المصوت الواحد أقرب تشابهًا من المعاني القديمة بنفسه، وهذا أمر (٣) محسوس، ومن أنكره سقطت مكالمته أبلغ مما تسقط مكالمة ذاك وحينئذ فيقال له:

هذه المعاني المختلفة متضادة في حقنا، فإنا نجد من نفوسنا أنها عند تصور معاني كلام لا يمكنها أن تتصور معاني كل كلام، كما نجد من أنفسنا (٤) أنا عند التكلم (٥) بصوت لا يمكننا أن نتكلم بصوت آخر، فإن كان هذا الامتناع لذات المعنيين والصوتين امتنع أن يقوم ذلك بمحل واحد، وإن كان لعجزنا عن ذلك كما نعجز عن استحضار علوم كثيرة لم يجب أن يكون ذلك ممتنعًا في حق الله، ولا ممتنعًا أن يخلق الله في ما شاء من المخلوقات معاني كثيرة مختلفة وأصواتًا كثيرة مختلفة.

قوله: وكل صوتين مختلفين من الأصوات متضادان يستحيل اجتماعهما في المحل الواحد وقتًا واحدًا.

فيقال له: أما الذي نجده فإنا لا يمكننا أن نجمع بين صوتين في محل واحد وقتًا واحدًا سواء كانا مختلفين أو متماثلين، فليس الامتناع في


(١) سورة المسد، الآية: ١.
(٢) في الأصل: المعتر. ولا معنى لها.
(٣) في ط: الأمر.
(٤) في س، ط: نفوسنا.
(٥) في س، ط: المتكلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>