للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل القاطع الذي تحتج به (١) في أصول الدين الذي ذكرت أنه ليس في بابه مثله هو قولك (٢): "إنه لو قبل (٣) الحوادث لم يخل منها لما (٤) سبق تقريره في الجواهر، حيث قضينا باستحالة تعريها عن الأعراض، وما لم يخل من الحوادث لم يسبقها، وينساق ذلك إلى الحكم بحديث (٥) الصانع".

فيقال له: قولك: لما سبق تقريره إحالة على ما مضى وأنت لم تقرر فيما مضى أن ما قبل الشيء لم يخل منه، ولا قررت أن كل جوهر قبل عرضًا يستحيل خلوه عنه (٦)، ولا قررت -أيضًا- استحالة تعري الجواهر (٧) عن جميع الأعراض، إذ هذا يحتاج إلى مقدمتين:

إحداهما: إمكان قيام كل جنس من الأعراض بكل جوهر.

والثانية: أن القابل للشيء (٨) لا يخلو منه ومن ضده، وأنت لم تذكر حجة على شيء من ذلك، غاية ما ذكرت أنك أثبت الأكوان التي هي الاجتماع والافتراق فقط، وأنك ادعيت تناقض المعتزلة حيث فرقوا بين ما قبل الاتصاف وبعده، وحيث إنهم إذا جوزوا خلو الجوهر عن بعض الحوادث مع قبوله لها (٩)، بطل الاستدلال على امتناع قيام الحوادث بذات الله، وأنه لا يستقيم مع ذلك دليل على استحالة قبول الباري للحوادث، فكان هذا الكلام مع ما فيه من ذكر تناقض المعتزلة، وأنه لا حجة لهم


(١) في س: نحتج.
(٢) تقدم في ص: ٧٥٧، وفي الإرشاد: ص: ٤٥.
(٣) في س: قيل.
(٤) في الأصل: لم. وأثبت المناسب من: س، ط، والإرشاد.
(٥) في ط: بحدوث.
(٦) في الأصل، س: عنها.
(٧) في الأصل: الجوهر. والمثبت من: س، ط.
(٨) في س، ط: لشيء.
(٩) له: ساقطة من: س.

<<  <  ج: ص:  >  >>