للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضلوا من وجه، ولكن معنى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ليس [هو] (١) معنى {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} بوجه من الوجوه، فلا يصح أن يقال: ذلك مثل "الرحمن الرحيم" "السميع العليم" إذ المدلول هنا واحد في نفسه وله صفات، والمدلول هناك (٢) في إحدى السورتين ليس هو المدلول في السورة الأخرى بوجه من الوجوه.

وأما تشبيههم ذلك بكون الله معبودًا بعبادات متنوعة، فهو أوضح من أن يحتاج إلى الفرق، فلهذا لم تحتج إلى الكلام عليه، إذ تشبيه ذلك بأسماء الله تعالى أقوى اشتباهًا، فقد (٣) ظهر (٤) ما فيه، فكيف بتشبيه كتب الله المنزلة بالنسبة إلى ما ادعوه من المعنى الواحد، بعبادات (٥) العابدين بالنسبة إلى الله تعالى.

وبهذا يتبين لك [أن] (٦) من قال منهم: إن القرآن محفوظ بالقلوب حقيقة، مقروء بالألسنة حقيقة، مكتوب في المصاحف حقيقة، كما أن الله معلوم بالقلوب، مذكور بالألسنة، مكتوب في المصاحف حقيقة، فهو يقصد هذا التلبيس من جعل الكتب المنزلة وسائر كلام الله بالنسبة إلى ما ادعوه من ذلك المعنى النفساني، كسائر أسماء الله بالنسبة إلى نفسه، وقد تبين لك أن هذا من أفسد القياس، فالحمد لله الذي عافانا (٧) مما ابتلى به كثيرًا (٨) من عباده، وفضلنا على كثير ممن خلق


(١) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٢) في س، ط: هنا.
(٣) في س، ط: وقد.
(٤) في الأصل: صح. وأثبت ما رأيته مناسبًا من: س، ط.
(٥) في س، ط: بعبادة.
(٦) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٧) في س: عافاه.
(٨) في الأصل: كثير. وهو خطأ. والمثبت من: س، ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>