للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفضيلًا. وبهذا وأمثاله تعرف (١) أن القائلين بخلق القرآن، وإن كانوا أخبث قولًا من هؤلاء من جهات مثل: نفيهم أن يقوم بالله كلام، فهؤلاء أخبث منهم من جهات أخر، مثل: منعهم أن يكون كلام الله ما هو كلامه، وجعلهم كلام الله شيئًا لا حقيقة له، وغير ذلك.

الوجه الرابع والستون:

إنها لم يذكروا في الجواب -عما أخبر الله به عن نفسه من أن له كلمات- ما له حقيقة، فإنهم يقولون: ليس لله كلام إلّا معنى واحدًا لا يجوز عليه التعدد، والله -سبحانه- قد أخبر بأن (٢) له كلمات، وإن البحار لو كانت مدادها، والأشجار أقلامها لما نفذت تلك الكلمات، وهذا صريح بأن لها من التعداد ما لا يأتي عليه إحصاء العباد، فكيف يقال: ليس له كلمات فصاعدًا؟

وأما قولهم: التكثير للتفخيم، كقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} (٣).

فيقال لهم: هذا إنما يستعمل في المواضع التي تصرح بأن المعنى بذلك اللفظ هو واحد، والله -سبحانه- قد بين في غير موضع أنه واحد، فإذا قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} (٤)، {إِنَّا فَتَحْنَا} (٥) وقد علم المخاطبون أنه واحد، علم أن ذلك لم يقتض أن ثم آلهة متعددة، لكن قال بعض الناس: صيغة الجمع في [مثل] (٦) هذا دلت على كثرة معاني أسمائه وهذا مناسب وأما الكلام فلم يذكر الله قط، ولا قال أحد من المسلمين


(١) في س، ط: تعلم.
(٢) في س، ط: إن.
(٣) سورة الحجر، الآية: ٩.
(٤) سورة الحجر، الآية: ٩.
(٥) سورة الفتح، الآية: ١.
(٦) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>