للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل هذا لا يقر مثل هؤلاء بأنه عين معناه، إذ هو معناه مفردًا ومعه غيره، وكما أن بعض الشيء ليس بغير له عندهم، فلا يصير الشيء غيرًا لنفسه بالزيادة عليه، لا سيما إذا كان المزيد نظيره، وليس المقصود هنا تكميل القول في هذه المسألة، ولكن نبين حقيقة ما يحتج به هؤلاء، فإن هذا المثل الذي ضربوه مضمونه أن يجعل اللفظ موضوعًا لأمر ونهي وخبر، ويقصد بالخطاب به إفهام كل معنى لمخاطب غير المخاطب الأول، وهذا جائز في المعقول، لكن ليس هذا مما ادعوه في الكلام بشيء، وذلك أن النزاع ليس هو في أن اللفظ الواحد يدل على حقائق مختلفة، فإن هذا لا ينازع فيه أحد، ولا حاجة فيه إلى ضرب المثل، بل دلالة الألفاظ الموضوعة على حقائق مختلفة [كثير جدًّا وإن كان اللفظ خبرًا أو أمرًا، لكن يدل على حقائق مختلفة] (١)، وإنما النزاع في المعاني المختلفة التي هي مدلول جميع الألفاظ التي أنزلها الله، هل هي معنى واحد (٢)؟ فالنزاع في المعاني المعقولة من الألفاظ وهي أمر الله بكذا أو أمره (٣) بكذا ونهيه (٤) عن كذا، ونهيه عن كذا (٥)، وخبره (٦) بكذا، وخبره بكذا (٧)، هل هي شيء واحد؟ والمعاني لا تتبع وضع واضع، ومن العجب أن هؤلاء إذا احتجوا على أن الكلام هو معنى في النفس قالوا: إن مدلول العبارات والإشارات لا يختلف باختلاف اللغات


(١) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٢) في س: واحدًا.
(٣) في ط: وأمره.
(٤) في ط: أو نهيه.
(٥) ونهيه عن كذا: ساقطة من: س.
(٦) في ط: أو خبره.
(٧) وخبره بكذا: ساقطة من: س.

<<  <  ج: ص:  >  >>