للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلف (١) على صحة الصلاة في الدار المغصوبة (٢) بكونهم لم (٣) يأمروا الظلمة بالإعادة، ولعله لا يقدر أن ينقل عن أربعة من السلف أنهم استفتوا في إعادة الظلمة ما صلوه في مكان مغصوب فأفتوهم بإجزاء الصلاة، لكن أهل الكلام كثيروا الاحتجاج من المعقول والمنقول بالحجج الداحضة، ولهذا كثر ذم السلف لهم، قال أبو عبد الله الرازي، لما تكلم على وحدة علم الله وقدرته فقال (٤):

"الفصل الأول: في وحدة علم الله وقدرته، نقل إمام الحرمين في الشامل (٥) عن أبي سهل الصعلوكي منا أنه تعالى عالم بعلوم غير متناهية،


(١) انظر دعواه على هذا الإجماع في البرهان في أصول الفقه للجويني ١/ ٢٨٨.
(٢) الصلاة في الموضع المغصوب لا تصح في أظهر الروايتين وأحد قولي الشافعي.
والرواية الثانية: تصح، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والقول الثاني للشافعي، لأن النهي لا يعود إلى الصلاة فلم يمنع صحتها.
يقول ابن قدامة -رحمه الله- مرجحًا الرواية الأولى: "ولنا: أن الصلاة عبادة أتى بها على الوجه المنهي عنه، فلم تصح كصلاة الحائض وصومها، وذلك لأن النهي يقتضي تحريم الفعل واجتنابه والتأثيم بفعله، فكيف يكون مطيعًا بما هو عاص به ممتثلًا بما هو محرم عليه؟ متقربًا بما يبعد به؟ فإن حركاته وسكناته من القيام والركوع والسجود أفعال اختيارية، هو عاص بها منهي عنها".
أما صلاة الجمعة في الموضع المغصوب فقال أحمد -رحمه الله-: "تصلى الجمعة في الموضع الغصب، يعني إذا كان الجامع أو بعضه مغصوبًا صحت الصلاة، لأن الجمعة تختص ببقعة فإذا صلاها الإمام في الموضع المغصوب فامتنع الناس من الصلاة فيه فاتتهم الجمعة".
انظر: المغني -لابن قدامة- ٢/ ٧٤، ٧٥. والمقنع -لابن قدامة- مع حاشيته- ١/ ١٢٧، ١٢٨. وكشف القناع -للبهوتي- ١/ ٣٤٣، ٣٤٤.
(٣) في الأصل: لا. والمثبت من: س، ط. وهو الصواب.
(٤) نهاية العقول في دراية الأصول -للرازي- مخطوط- اللوحة: ١٥٧.
(٥) في الأصل: الشاملي. وهو خطأ.
وهو: كتاب في الكلام على مذهب الأشاعرة -يقع في خمسة مجلدات.
راجع: كشف الظنون -لحاجي خليفة- ٢/ ١٠٢٤. ومعجم المؤلفين =

<<  <  ج: ص:  >  >>