للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثابت، فأما، الوجه الأول: في إثبات الصفات فليس هذا موضعه وإنما الغرض الوجه الثاني: الذي يختص بالكلام، فإنهم تارة يقولون: إذا قلتم: إن كلام الله غير مخلوق، فهو نظير قول النصارى: إن المسيح كلمة الله، وهو غير مخلوق، وتارة يقولون: إذا قلتم: إن كلام الله في الصدور والمصاحف فقد قلتم يقول النصارى الذين يقولون: إن الكلمة حلت في المسيح وتدرعته، وهذا الوجه هو الذي يقوله من يزعم أن كلام الله ليس إلا معنى في النفس، ومن يزعم أن الله لم ينزل إلى الأرض كلامًا له في الحقيقة، والغرض هنا الكلام على هؤلاء.

[فيقال لهم] (١): أما أنتم فضاهيتم النصارى في نفس ما هو ضلال مما خالفوا فيه صريح العقل وكفرهم الله بذلك، بخلاف أهل الإثبات، وذلك يتبين بما ذمه الله تعالى من مذهب النصارى، فإنه سبحانه قال: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (٢).

وهذا المعنى -هو جعلهم ولدًا لله وتنزيه الله نفسه عن ذلك- مذكور في مواضع من القرآن، كما ذكر قصة مريم ثم قال في آخرها: {ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (٣٤) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (٣)، وقال: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ


= انظر: الرد على الجهمية -للإمام أحمد- ص: ١٢٤.
وسوف ينقل الشيخ -رحمه الله تعالى- عن ابن الزغواني وغيره ما يبين مضاهاة الجهمية للنصارى من بعض الوجوه في ص: ٧٠٦ فما بعدها.
(١) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٢) سورة التوبة، الآية: ٣٠.
(٣) سورة مريم، الآية: ٣٤، ٣٥.
في س: (الله) بدلًا من (لله) وهو سهو من الناسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>