للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد ذكر كفر الذين قالوا: إن الله ثالث ثلاثة [في آية] (١) ونهى أهل الكتاب عن ذلك في آية أخرى، فهذان موضعان ذكر فيهما التثليث عنهم، وفي موضعين ذكر كفرهم بقولهم: إن الله هو المسيح بن مريم، وأما ذكر الولد عنهم فكثير.

واعلم أن من الناس من يزعم أن هذه الأقوال الثلاثة التي ذكرها الله عن النصارى، هي قول الأصناف الثلاثة: اليعقوبية (٢)، وهم شرهم، وهم السودان من الحبشة والقبط، ثم الملكية (٣)، وهم أهل الشمال من


(١) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(٢) اليعقوبية: فرقة من فرق النصارى، وهم أصحاب يعقوب البرذعاني، راهب بالقسطنطينية، قالوا: بالأقانيم الثلاثة: الوجود، والعلم، والحياة.
ثم يعبرون عن الوجود بالأب، وعن العلم بالكلمة، وعن الحياة بروح القدس، لكنهم قالوا: انقلبت الكلمة -أقنوم العلم عندهم- لحمًا ودمًا، فصار الإله هو المسيح، وهو الظاهر بجسده، بل هو هو.
وقال بعضهم: ظهر اللاهوت بالناسوت، فصار ناسوت المسيح مظهر الجوهر لا على طريق حلول جزء فيه، ولا على سبيل اتحاد الكلمة التي هي في حكم الصفة، بل صار هو هو.
وزعم أكثرهم: أن المسيح جوهر واحد، أقنوم واحد، إلَّا أنه من جوهرين، وربما قالوا: طبيعة واحدة من طبيعتين. فجوهر الإله القديم، وجوهر الإنسان المحدث تركبا تركيبًا، كما تركبت النفس والبدن، فصارا جوهرًا واحدًا، أقنومًا واحدًا.
وقالوا: إن مريم ولدت إلهًا، وقالوا في القتل: إنه وقع على الجوهر الذي هو من جوهرين، ولو وقع على أحدهما لبطل الاتحاد، تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا.
انظر: الملل والنحل -للشهرستاني- ١/ ٢٢٥، ٢٢٦. والفصل في الملل والأهواء والنحل -لابن حزم- ١/ ٤٩، ٥٠. واعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي، مع هامشه المرشد الأمين إلى اعتقادات فرق المسلمين والمشركين -لطه عبد الرؤوف ومصطفى الهواري- ص: ١٣١، ١٣٢.
(٣) في س، ط: الملكانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>