للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر مستقل بنفسه غير تثليث الأقانيم والاتحاد (١) بالمسيح، فالقرآن يتناول جميع أصناف كفرهم في هذا الباب تناولًا تامًّا.

والمقصود هنا التنبيه على مضاهاة (٢) الجهمية لهم دون تفصيل الكلام عليهم، والجهمية الغلاط يضاهئونهم (٣) مضاهاة عظيمة، لكن المقصود هنا ذكر مضاهاة هؤلاء الذين يقولون: الكلام معنى واحد قائم بذات الرب، فيقال: أنتم قلتم: الكلام معنى واحد لا ينقسم ولا يختلف، وهذا المعنى الواحد هو بعينه أمر ونهي وخبر، فجعلتهم الواحد ثلاثة، وجعلتم الواحد الذي لا اختلاف فيه ثلاث حقائق مختلفة، وهذا مضاهاة قوية لقول النصارى: الرب إله واحد جوهر واحد، وهو مع ذلك ثلاثة (٤) جواهر، فجعلوه واحدًا، وجعلوه (٥) ثلاثة، ثم قلتم هذا الكلام الذي هو واحد، وهو أمر ونهي وخبر، ينزل تارة فيكون أمرًا، وتارة فيكون خبرًا، وتارة فيكون نهيًا، وإذا نزل فكان أمرًا لم يكن خبرًا، وإذا نزل فكان خبرًا لم يكن أمرًا، فإنه إذا أنزله الله فكان آية الكرسي، وهي خبر، لم يكن آية الدين التي هي أمر، وهذا لعله من أعظم المضاهاة لقول (٦) النصارى: إن الجوهر الواحد الذي هو ثلاثة جواهر ثلاثة أقانيم، إذا اتحد فإنما يكون كلمة وابنًا، لا يكون أبًا ولا روح قدس، فإن هؤلاء كما جعلوا الشيء الذي هو واحد، يتحد ولا يتحد، يتحد من جهة كونه كلمة، ولا يتحد من كونه وجودًا،


(١) في الأصل: الإلحاد. والمثبت من: س، ط. وهو المناسب للسياق.
(٢) في س: مضاة. وهو تحريف.
(٣) في س، ط: يضاهونهم.
(٤) في الأصل: ثلاث. والمثبت من: س، ط. وهو الصواب.
(٥) في ط: أو جعلوه. وهو خطأ.
(٦) في س، ط: كقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>