للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن العجب أن الآجري يروي كتاب الشريعة (١) له من طريق مالك والثوري والليث وغيوهم، فلو تأمل (٢) أبو المعالي وذووه (٣) الكتاب الذي أنكروه لوجدوا فيه ما يخصمهم، ولكن أبو (٤) المعالي، مع فرط ذكائه، وحرصه على العلم، وعلو قدره في فنه، كان قليل المعرفة بالآثار النبوية (٥)، ولعله لم يطالع الموطأ بحال حتى يعلم ما فيه، فإنه لم يكن له بالصحيحين البخاري ومسلم وسنن أبي داود والنسائي والترمذي، وأمثال هذه السنن علم أصلًا، فكيف بالموطأ ونحوه؟ وكان مع حرصه على الاحتجاج في مسائل الخلاف في الفقه، إنما عمدته سنن أبي الحسن الدارقطني (٦)، وأبو الحسن مع تمام إمامته في الحديث، فإنه إنما صنف هذه السنن كي يذكر فيها الأحاديث المستغربة في الفقه، ويجمع طرقها، فإنها هي التي يحتاج فيها إلى مثله، فأما الأحاديث


(١) أبو الحسن الآجري يروي من طريق هؤلاء في كتابه الشريعة في غير موضع.
انظر مثلًا: روايته عن مالك في باب الإيمان بأن الله -عزَّ وجلَّ- ينزل إلى السماء الدنيا ص: ٣٠٨.
وعن الثوري في نفس الباب ص: ٣٠٩. وعن الليث بن سعد في باب الإيمان بأن لله -عزَّ وجلَّ- يدين، وكلتا يديه يمين ص: ٣٢٢.
(٢) في الأصل: تأول. وهو تصحيف. والمثبث من: س، ط.
(٣) في جميع النسخ: وذويه. ولعل الصواب ما أثبته.
(٤) هكذا في جميع النسخ على الحكاية. والمشهور: ولكن أبا.
(٥) تقدم قول الذهبي في أبي المعالي الجويني، وأنه مع فرط ذكائه وإمامته في الفروع وأصول المذهب، وقوة مناظرته لا يدري الحديث كما يليق به، لا متنًا ولا إسنادًا.
وانظر: سير أعلام النبلاء -للذهبي- ١٨/ ٤٧١.
(٦) ذكر ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" ص: ٢٨٥، أنا أبا المعالي الجويني سمع سنن الدارقطني من أبي سعد بن عليك وكان يعتمد تلك الأحاديث في مسائل الخلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>