للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، لأن هذه لا تقوم إلا بمتحيز، وقالوا: إن القدرة والحياة ونحوهما يقوم بقديم غير متحيز، وجمهور العقلاء يقولون: إن هذا فرق بين المتماثلين.

وكذلك زعمهم أن قيام الأعراض التي هي الصفات بالمحل الذي تقوم به يدل على حدوثها، ثم قالوا: إن الصفات قائمة بالرب ولا تدل على حدثه (١).

وكذلك في احتجاجهم على المعتزلة في مسألة القرآن، فإن عمدتهم فيها: أنه لو كان مخلوقًا لم يخل إما أن يخلقه في نفسه أو في غيره، أو لا في نفسه ولا في غيره وهذا باطل، لأنه يستلزم قيام الصفة بنفسها، والأول باطل لأنه ليس بمحل الحوادث، والثاني باطل لأنه لو خلقه في محل لعاد حكمه على ذلك المحل، فكان يكون هو المتكلم به، فإن الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها على ذلك المحل، ولم يعد على غيره كالعلم والقدرة والحياة.

وهذا من أحسن ما يذكرونه من الكلام، لكنهم نقضوه حيث منعوا أن يقوم (٢) به (٣) الأفعال مع اتصافه بها، فيوصف بأنه خالق وعادل ولم يقم به خلق ولا عدل، ثم كان من قولهم الذي أنكره الناس إخراج الحروف عن مسمى الكلام، وجعل دلالة لفظ الكلام عليها مجازًا، فأحب أبو (٤) المعالي ومن اتبعه كالرازي أن يخلصوا من هذه الشناعة، فقالوا: اسم الكلام يقال بالاشتراك على المعنى القائم بالنفس وعلى الحروف الدالة عليه. وهذا الذي قالوه أفسدوا به أصل دليلهم على المعتزلة، فإنه إذا صح أن ما قام بغير الله يكون كلامًا له حقيقة بطلت


(١) في س، ط: حدوثه.
(٢) في ط: تقوم.
(٣) به: ساقطة من: س.
(٤) في س: أبا. وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>