للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٦٢ - قال الحافظ ابن حجر رحمه الله (١٣/ ٤٩٣ - ٤٩٤): "ومن شدة اللبس في هذه المسألة كثر النهي عن الخوض فيها، واكتفوا باعتقاد أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ولم يزيدوا على ذلك شيئًا، وهو أسلم الأقوال، والله المستعان".

وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب ٤٠.

ــ التعليق ــ

قال الشيخ البراك:

أولاً: لا يسلم للحافظ دعوى شدة اللبس في مسألة كلام الله تعالى عند السلف ونهيهم عن الخوض فيها، بل هي عند السلف والأئمة مشرقة بينة لا لبس فيها ولا خفاء، ولم ينهوا عن الخوض فيها، بل خاضوا فيها صدعًا بالحق وردًا للباطل، وإنما اللبس في هذه المسألة عند طوائف المتكلمين المبتدعين، ولهذا فرقوا دينهم شيعًا كما ذكر الحافظ هنا أقاويلهم.

ثانياً: قوله إن السلف اكتفوا بأن القرآن كلام الله غير مخلوق كلام حق، لكنه كلام مجمل لا يحرر مذهب السلف، ولا يميزه عن غيره؛ فالصواب أنهم لم يكتفوا بهذا الإجمال بل قالوا في القرآن إنه كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، وقالوا: إن الله لم يزل متكلمًا إذا شاء بما شاء كيف شاء، وقالوا: إن كلام الله صفة قائمة به كسائر صفاته، وإنه حروف وأصوات يكون بمشيئته، وإن موسى عليه السلام سمع كلام الله من الله. فتحرير المذهب الحق في كلام الله تعالى أنه: صفة قائمة به خلافًا للجهمية والمعتزلة، وأنه لم يزل متكلمًا خلافًا للكرامية، وأنه يتكلم بمشيئته خلافًا للكلابية والأشاعرة والسالمية، وأن كلامه بحرف وصوت وأن معانيها لا حصر لها، خلافًَا للكلابية والأشاعرة؛ قال تعالى: "قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددًا". والحاصل أن مذهب السلف في القرآن وفي كلام الله حق محض، وكل قول خالفه ففيه حق وباطل.