للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

﴿عَجِبْتُ﴾ يعود لمن؟ إلى الله تعالى، كما دلَّ على صفة العَجَب قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [الرعد: ٥].

وهذا الحديث - كذلك - من الأدلة على إثبات صفة العَجَب، فهو تعالى يُوصَف بالعَجَب على المنهج المقرر: إثبات مع نفي التمثيل، ونفي العلم بالكيفية.

وليس عجبه تعالى لجهله بالأسباب، فهذا شأن المخلوق الذي يعجب - أحيانًا - لجهله بالسبب، كما يقال: إذا ظهر السبب بطل العجب، هذا في عجب المخلوق، أو في بعض عجب المخلوق.

«من قنوط عباده» القنوط: شدة اليأس.

«ينظر إليكم أزلين» والأَزْل: الشدة، والأزِل: هو الذي قد بلغت به الشدة حدًّا بعيدًا، واستولى عليه اليأس، فالأزِل والقَنِط معناهما متقارب.

«ينظر إليكم أزلين قنطين، فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب» مع قرب الفرج، وقرب تغيير الله للأحوال من الشدة إلى الرخاء، من القحط إلى الخصب، في هذا الظرف الله تعالى يعجب لهذه الحال، فيظل يضحك كيف شاء ﷾، فإن العباد إذا طالت عليهم الشدة استولى عليهم اليأس، واشتد، وآل بهم الأمر إلى القنوط، كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُون (٤٨) وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِين (٤٩) فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ

<<  <   >  >>