للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يخفوا دينهم الذي هو باطل في حكم الله ورسوله، وإذا عاهدوا على هذا كانت مخالفته حرامًا عليهم في كل الأديان، لأن الغدر والخيانة حرام عند كل أحد، ونحن إنما نتعرض لهم إذا سبوا ظاهرًا بأن ثبت ذلك عليهم، فيكونوا قد خالفوا العهد، أما إذا فرض سب في خفية لم يطلع عليه أحد من المسلمين ولا أقر صاحبه به فلا نقول إن العهد ينتقض به، بل إذا استشعره الإمام له نبذ العهد، كالخيانة إذا خيفت، كما تقدم عن الروياني.

وبهذا يظهر لك أنه لا فرق في السب أن يكون مما يعتقده الكافر أو لا، وهو الصحيح من المذاهب، خلافًا لما قاله بعض أصحابنا./

وكذلك إظهار كلمة التثليث، فإنا إنما نقرهم عليها إذا أخفوها، والعهد والشرط اقتضى تحريم إظهارها، فكان إظهارها نقضًا، على خلاف فيه بين العلماء، ومن لا يقول بأنه نقض يفرق بينه وبين السب بأن الساب منتقص بخلاف معتقد التثليث فإنه متدين به، وإن كان الحق أنه سب أيضًا، لما في البخاري عن الله تعالى: "كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، أما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون على الله من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدًا؛ وأنا الأحد الصمد، الذي لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفوًا أحد". فيفقر بين هذا السب وذاك السب بما ذكرناه.

<<  <   >  >>