للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأما الأثر فيه:

(١٨٧) فما حدثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ، عن حماد بن زَيْدٍ، وجَرِير بن حازِم، عن أَيُّوبَ، عن عِكْرِمَةَ، أَنَّ عَليَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه -، أتَى بِقَوْمٍ مِنَ الزَّنَادِقَةِ فَحَرَّقَهُم، فَبلغَ ذَلك ابنَ عَبَّاسٍ? فقال: أَمَّا أَنَا فَلَو كُنْتُ لَقَتَلْتُهُم؛ لقولِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:

«مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ، فَاقْتُلُوهُ». ولَمَا حَرَّقْتُهُم؛ لِنَهيِ رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:

«لاَ تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللهِ» (١).-زاد سليمانُ في حديثِ جَرِيرٍ- فَبَلَغَ عَليًّا ما قال ابنُ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم -، فقال: «وَيْحَ ابنِ أُمِّ الفَضْلِ! إنه لَغَوَّاصٌ عَلَى الهَنَاتِ» (٢).

قال أبو سعيد: فَرأَيْنَا هؤلاءِ الجهمية أَفَحَش زَنْدَقَةٍ، وأَظْهَر كُفْرًا، وأقبح تأويلا لكتاب الله وَرَدَّ صِفَاتِهِ- فيما بلغنا- عَن هؤلاءِ الزنادقة الذين قَتَلَهُم عَلِيٌّ - عليه السلام - وحَرَّقَهُم.

فَمَضَتِ السُّنةُ مِن عَليٍّ وابنِ عبَّاسٍ? فِي قَتْلِ الزنادقة؛ لِمَا أَنها كُفْرٌ عندهما، وأنهم عندهما ممن بَدَّلَ دِينَ اللهِ، وتَأَوَّلا في ذلك قَولَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ولا يجبُ على رَجلٍ قَتْلٌ في قول يقوله، حتَّى يكونَ قَوْلُه ذلك كفرًا، لا يجب فيما دون الكفر قَتْلٌ، إلا عُقُوبَة فقط، فذاك الكِتَابُ في إكفارهم، وهذا الأَثَرُ.

ونُكفرهُم أيضًا بكفر مشهور؛ وهو تكذيبهم بنص الكتابِ، أخبرَ

اللهُ


(١) أخرجه البخاري (٣٠١٧)، وأبو داود (٤٣٥٣)، والترمذي (١٤٥٨)، والنسائي (٧/ ١٠٤)، والبيهقي في الكبرى (٨/ ٢٠٢)، وغيرهم من طرق عن أيوب، به، دون الزيادة.
(٢) أخرجه بهذه الزيادة الفسوي في المعرفة والتاريخ (١/ ٢٨١)، والبيهقي في الكبرى (٨/ ٢٠٢).

<<  <   >  >>