للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(٢٠٦) حدثناه الحَسَنُ بن الصَّبَّاحِ البَغْدَادِيُّ، عن علي بن شَقِيقٍ، عن ابن المبارك (١).

قال أبو سعيد: وَصَدقَ ابنُ المباركِ، إن مِنْ كلامِهِم ما هُو أَوْحَشُ مِنْ كلامِ اليَهودِ والنصارى، فلذلك رَأى أَهلُ المدينةِ أن يُقْتَلُوا ولا يُستتابوا، ولذلك قال أَبو تَوْبَةَ لأحمد بن حنبل?: أمَّا خُطباؤُهُم فلا يستتابون وتُضربُ أَعنَاقُهُم؛ لأنَّ الخُطباءَ اعْتَقَدُوهُ دِيْنًا في أنفسهم على بَصرٍ مِنهم بِسُوءِ مَذَاهِبِهم، وأظهروا الإسلام تَعَوُّذًا، وجُنَّةً مِنَ القَتْلِ، ولا تَكَاد تَرى البصيرَ مِنْهُم بمذهبه يَرجِعُ عَن رَأْيِهِ.

قال أبو سعيد: وذَهَبْتُ يومًا أَحْكِي لِيَحْيَى بنِ يحيَى كلامَ الجهمية لأَستخرجَ مِنهُ نَقْضًا عَليِهم، وفي مجلسه يومئذ الحُسَينُ بنُ عِيسَى البِسْطَامِي، وأَحمدُ بنُ يونسَ القَاضِي، ومحمدُ بنُ رَافع، وأبو قُدامَةَ السَّرْخَسِي فيما أحسب، وغيرهم من المشايخ، فَزَبَرَنِي بِغَضَبٍ، وقال: اسْكُتْ، وأَنْكَرَ عَلَيَّ المشايخُ الذين في مجلسه اسْتِعْظَامًا أَن أَحْكِي كلامَ الجَهْمِيَّة، وتَشْنِيعًا عَليهم، فَكَيْفَ بمن يحكِي عَنْهُم دِيَانَةً، ثم قال لي يَحْيَى: القُرآنُ كَلامُ اللهِ، مَنْ شَكَّ فِيه أَوْ زَعَمَ أَنَّهُ مخلوقٌ؛ فَهو كَافِرٌ.

(٢٠٧) حَدَّثنا يُوسفُ بنُ يَحيَى البُوَيْطِيُّ، عن محمد بنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِي في الزنديق قال: يُقْبَلُ قَولُهُ إِذَا رَجَع، ولا يُقْتَل، واحْتَجَّ فيهم بـ {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} الآية [المنافقون: ١]، فَأَمَره اللهُ - عز وجل - أن يَدَع قَتْلَهُم لِمَا يُظْهِرونَ مِنَ الإِسلامِ، وكذلك الزنديق، إذا أظهرَ الإسلامَ كان في هذا الوقتِ مُسْلِمًا،


(١) تقدم تخريجه برقم (٥).

<<  <   >  >>