للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو سعيد: ثم لم يزالوا بعد ذلك مَقْمُوعِينَ أَذِلَّةً مدحورين حتَّى كان الآن بأخرة؛ حيثُ قَلَّتِ الفُقهاء وقُبِضَ العلماءُ، ودَعَا إلى البِدَعِ دُعاةُ الضَّلالِ؛ فَصَدَّ (١) ذَلِكَ طَمَعَ كلِّ مُتَعَوِّذٍ في الإسلام من أبناء اليهود والنصارى وأَنْبَاطِ العراق، وَوَجَدُوا فُرصَةً للكلام؛ فَجَدُّوا في هَدمِ الإسلام وتَعْطِيلِ ذِي الجلالِ والإكرام، وإِنْكارِ صِفَاتِهِ وتَكْذِيبِ رُسُلِهِ وإِبْطَالِ وَحْيِهِ؛ إِذْ وجَدُوا فُرصتَهُم وأَحَسُّوا من الرُّعَاعِ (٢) جَهلاً، ومِنَ العُلماءِ قِلَّةً؛ فَنَصَبُوا عِنْدَهَا الكُفرَ للناس إِمامًا بِدَعْوَتِهم إليه، وأظهروا لهم أُغْلُوطَات من المسائل وعَمَايَات من الكلام، يُغالِطون بها أهلَ الإسلام؛ ليُوقِعُوا في قلوبهم الشك ويلبسوا عليهم أمرَهم ويُشَكِّكُوهُم في خَالِقِهم، مقتدين بأئمتهم الأقدمين الذين قالوا: {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥)} [المدثر: ٢٥] و {إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} [ص: ٧].


(١) في المطبوعة: «فشد» وما أثبتناه من الأصل، وهو لغة متوجه؛ قال صاحب التاج في مادة صدد: وصَدَّ يَصُدُّ بالضّمّ ويَصِدُّ بالكسر صَدّاً وصَدِيداً: عَجَّ وَضَجَّ، وفي التنْزيل: «ولمَّا ضُرِبَ ابنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنه يَصِدُّونَ» أَي يَضِجُّون ويَعِجُّون وقال قُرِئ: «يَصُدُّون» أَي يُعْرِضُون، قال الأزهريّ تقول صَدَّ يصُدُّ ويصِدُّ مثل شَدَّ يَشُدّ ويَشِدّ.
(٢) كذا في الأصل، بضم الراء وقد أثبتها محقق المطبوعة بالفتح وقد جانبه الصواب في ذلك؛ قال صاحب التاج: الرُّعاعُ كالزُّجاجِ من النّاسِ: وهُمُ الرُّذالُ الضُّعفاءُ وهم الذينَ إذا فُزِّعوا طاروا.

<<  <   >  >>