للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ألستم تعلمون أَنَّا قد أتيناكم بهذه الروايات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعن أصحابه، والتابعين، منصوصة صحيحة عنهم، أن الله تبارك وتعالى يَنْزِلُ كلَّ ليلة إلى سماء الدنيا؟ وقد علمتم يقينًا أنَّا لم نخترع هذه الروايات ولم نفتعلها، بل رَوَيْنَاهَا عن الأئمة الهادية الذين نقلوا أصولَ الدِّين وفروعه إلى الأنام، وكانت مُستَفِيضَةٌ في أيديهم، يتنافسون فيها، ويتزيَّنُونَ بروايتها، ويحتجون بها على من خالفها.

قد علمتم ذلك ورويتموه (١) كما رويناها إن شاء الله؛ فائتوا ببعضها أنه لا ينزل، منصوصًا، كما روينا عنهم النزول منصوصًا، حتى يكون بعض ما تأتون به ضِدًّا لبعض ما أتيناكم به، وإلا لم يُدْفَع إِجماعُ الأمةِ وما ثبت عنهم في النزول منصوصًا، بلا ضِدٍّ منصوصٍ من قولهم، أو من قول نُظَرائِهم، ولم يُدْفَع شيءٌ بلا شيء؛ لأن أقاويلَهُم ورواياتِهم شيءٌ لازمٌ، وأصلٌ منيعٌ، وأقاويلَكُم رِيحٌ، ليست بشيء، ولا يَلْزَمُ أحدًا منها شيء، إلا أن تأتوا فيها بِأَثَرٍ ثابتٍ مستفيضٍ في الأمة، كاستفاضةِ ما رَوَيْنَا عنهم، ولن تأتوا به أبدًا، هذا واضحٌ بَيِّنٌ، يَعْقِلُهُ كثيرٌ من ضعفاء الرجال والنساء، وتَعْقِلُونَهُ أنتم -إن شاء الله-؛ فإنه ليس لكم من الغفلة كُلُّ ما لا تعلمون (٢).

إن هذه الحُجَجَ آخذةٌ بحلُوقِكُم، غير أنكم تقصدون قصدَ شَيءٍ، لا ينقاد إلا بدفع هذه الحُجَجِ والآثَارِ كُلِّها.

تزعمون أن إلهكم الذي كنتم تعبدون منكم في كل مكان، واقعٌ على كلِّ


(١) كذا، وهو متجه، فالضمير في قوله «ورويتموه» يعود على «ذلك»، والضمير في رويناها يعود على «الروايات».
(٢) كذا في الأصل، والعبارة غير واضحة، والذي يبدو منها: أنكم تعقلون ذلك؛ لأن ما لكم من الغفلة لن يصل بكم إلى عدم استيعاب الحجج؛ فالحجج واضحة.

<<  <   >  >>