للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيُقَالُ لِهَذَا التَّائِهِ، الَّذِي لَا يدْرِي ما يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِهِ، وَيَنْقُضُ آخِرُ كَلَامِهِ أَوَّلَهُ: أَلَيْسَ قَدِ ادَّعَيْتَ فِي أَوَّلِ كَلَامِكَ أَنَّهُ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ قَالَ: لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، أَنَّهُ يَرَى آيَاتِهِ وَأَفْعَالَهُ، فَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: رَآهُ. ثُمَّ قُلْتَ فِي آخِرِ كَلَامِكَ: فَقَدْ وَكَلْنَا تَفْسِيرَهَا إِلَى الله، أَفَلَا وَكَّلْتَ التَّفْسِيرَ إِلَى الله قَبْلَ أَنْ تُفَسِّرَهُ؟.

وَزَعَمْتَ أَيْضًا فِي أَوَّلِ كلامك أَنه لابد مِنْ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعْتَ عَنْ قَوْلِكَ فَقُلْتَ: لَا، بَلْ نَكِلُهُ إِلَى الله، فَلَوْ كَانَ لَكَ نَاصِحٌ يَحْجُرُ عَلَيْكَ الكَلَامَ!

وَالعَجَبُ مِنْ جَاهِلٍ فَسَّرَ لَهُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - تَفْسِيرَ الرُّؤْيَةِ مَشْرُوحًا مُخلَّصًا ثُمَّ يَقُولُ: إِنْ كَانَ كَمَا فَسَّرَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَدْ آمَنَّا بِالله.

وَلَوْ قُلْتَ: أَيُّهَا المُعَارِضُ: آمَنَّا بِمَا قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَفَسَّرَهُ، كَانَ أَوْلَى بِكَ مِنْ أَنْ تَقُولَ: آمَنَّا بِمَا فَسَّرَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَلَا تَدْرِي قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ أَوْ لَمْ يَقُلْهُ؟.

وَهَلْ تَرَكَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - في تفسير الرُّؤْيَةِ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالمَرِيسِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنَ المُتَأَوِّلِينَ مَوْضِعَ تَأَوُّلٍ، إِلَّا وَقَدْ فَسَّرَهُ وَأَوْضَحَهُ بِأَسَانِيدَ أَجْوَدَ مِنْ عُمَرَ بْنِ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ.

رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الله عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:

«تَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ كَمَا تَرَوْنَ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لَيْلَةَ البَدْرِ لَيْسَ دُونَهُمَا سَحَابٌ لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ» (١).


(١) صحيح، أخرجه المصنف في الرد على الجهمية (٨٠، ٨١ بتحقيقي) متصلا بإسناده عن إسماعيل؛ قال: حدثنا أحمد بن يونس عن أبي شهاب الحناط، وقال: حدثني ابن المديني= ... = عن سفيان بن عيينة، كلاهما أبو شهاب، وابن عيينة عن إسماعيل، به. وسيأتي متصلا هنا أيضا برقم (٢٣).
والحديث أخرجه البخاري (٥٤٤، ٤٨٥١، ٧٤٣٤، ٧٤٣٦)،ومسلم (٦٣٣)، وأبو داود (٤٧٣١)، والترمذي (٢٥٥١)، وابن ماجه (١٧٧)، وأحمد (١٩١٩٠)، وغيرهم من طريق إسماعيل بن أبي خالد، به.

<<  <   >  >>