للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون في أسماء الله وآياته (١) ولا يكيفون ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه (٢) لأنه سبحانه لا سميّ (٣) له، ولا كُفُوَ له، ولا نِدَّ له (٤) ولا يقاس


= كتحريف القلم. وتحريف الكلام: أن نجعله على حرف من الاحتمال يمكن حمله على الوجهين. قال الله عز وجل (يحرفون الكلم عن مواضعه) وصفات الله داله على معان قائمة بذات الرب جل جلاله لا تحتمل غير ذلك فيجب الإيمان والتصديق بها وإثباتها لله إثباتاً بلا تمثيل لأنه ليس كمثله شيء وتنزيهاً له تعالى عن مشابهة خلقه بلا تعطيل، والتعطيل جحد الصفات الإلهية وإنكار قيامها بذاته تعالى كما هو قول المعتزلة والجهمية، وكذلك لا تكيف صفاته كما لا تكيف ذاته ولا تمثل ولا تشبه بصفات المخلوقين لأنه ليس له كفء ولا مثيل، ولا نظير، ويرحم الله ابن القيم حيث قال:
لسنا نشبه وصفَه بصفاتنا ... إن المشبِّه عابدُ الأوثان
كلاّ ولا نُخليه من أوصافنا ... إن المعطِّل عابدُ البهتان
من شبَّه الله العظيم بخلقه ... فهو الشبيه لمشْركٍ نصراني
أو عطَّل الرحمن من أوصافه ... فهو الكفور وليس ذا الإيمان
(١) الإلحاد إما يكون بجحدها وإنكارها، وإما بجحد معانيها وتعطيلها، وإما بتحريفها عن الصواب وإخراجها عن الحق بالتأويلات، وإما بجعلها اسماً لهذه المخلوقات كإلحاد أهل الإلحاد.
(٢) لأن الصفة تابعة للموصوف فكما أن الموصوف سبحانه لا تعلم كيفية ذاته فكذلك لا تعلم كيفية صفاته مع أنها ثابتة في نفس الأمر.
(٣) أي مثيلاً ونظيراً يستحق اسمه وموصوفاً يستحق صفته على التحقيق، وليس المعنى ما نجد من يتسمى باسمه إذ أن كثيراً من أسمائه قد يطلق على غيره لكن ليس معناه إذا استعمل فيه كان معناه كما إذا استعمل في غيره.
(٤) الأنداد: الأمثال والنظراء، فكل من صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله رغبة فيه أو رهبة منه فقد اتخذه نداً لله لأنه أشرك مع الله فيما لا يستحقه غيره وذلك كحال عباد الأموات الذين يستعينون بهم وينذرون لهم ويحلفون بأسمائهم.

<<  <   >  >>