للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصار بعد ذلك ميراث لعقبه، طعامًا لمن طعم، وشفاء لمن سقم. وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (زمزم لا تنزح ولا تزم وتسقي الحجيج الأعظم).

وكان في أمر عبد المطلب قبل المبعث في شأنه ما كان، ونكتف من كتاب محمد بن إسحق إن احتيج إليه.

ومنها ما يحزن لهم الملح والنفط والكبريت والنورة والزرنيج والعصر، وما شيء من هذه إلا ولهم فيه منافع ومرافق.

ومنها ما يخزن لهم الذهب والفضة اللذان لا غنى لأحد عنهما، وبهما يتوصل إلى الحاجات والمآرب التي جعل طريق الوصول إليها بالمال. ووجودها وعدمها، وقلتهما وكثرتهما يتميز الغني من الفقير، والمتوسط من المتوسع والمقتر ونصب في أماكن من الأرض جبالًا جعلها كلها رواسي لئلا تميل بالرياح العواصف والزلازل العظيمة الأرض، فيهلك من عليها من الناس والدواب. وجعلها بعضها معادن للجواهر النفيسة، وفي بعضها القناص، وأصنافًا من النبات والشجر، يختص كل منها بفائدة ومنفعة وتجمع كلها في أنها وقود للناس وعصمة من أذى البرد الذي إذا اشتد لم تقم له الأبدان ولم تحمله. وجعل فيها اكنافًا كالبيوت ينحصر بها من تدعوه الحاجة إليها.

فأما ما سهل من الأرض وفصل عن المياه، فلم يكن لها قرارًا وعر المسالك والمساكن ومعادن الوحوش والسباع، فقد مكن للناس أكثر ما يحتاجون إليه منها حتى يزرعوا ويحرثوا ويغرسوا، فيكون لهم منها المعايش والمنتزهات، ويتوفر عليهم من قبلها الأقوات والبركات. فهذا حالهم فيما جعله الله تعالى لهم من الأرض التي أسكنهم إياها. فكانت لهم بساطًا وفراشًا، ومهادًا وكفافًا وقرارًا، كما سماها الله عز وجل وقال: {والأرض وضعها للأنام، فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام والحب ذو العصف والريحان}.

وأما السماء فإنه رفعها فوقهم رفعًا عاليًا حسد، لأنه لو أدناها من الأرض ومراحهم

<<  <  ج: ص:  >  >>