للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شعيرتين ليس ما يكون ويتأنى، في اليقظة. لكن النائم قد يرى في منامه أنه كان منه، فيجعل اشتغاله في اليقظة بما لا يليق إلا بالنوام مما لا إمكان ولا حقيقة له، دلالة على أنه كان يتصنع بالأحلام الكاذبة، ويخبر عما لا حقيقة له منها، والله أعلم.

وأما تأكيد الكذب باليمين فقد جاء فيه سواء، ما ذكرنا من قول الله عز وجل، أو يحلفون على الكذب وهم يعلمون قول الله عز وجل} إن الذين يشترون بعهد الله وإيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم {.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من اقتطع يمينا فأجره حقا لمسلم لقي الله تعالى وهو عليه غضبان) وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الحلف الكاذب ينفق السلغة ويسحق البركة).

ويدل على عظم الإثم فيه إن إيمان الزوجين إذا قذفها بالزنا لما كانت على أمر ماض، وكان أحدهما كاذبا بيقين لم يقبل منهما الأمر بإيجاب اللعن من أحدهما والغضب من الآخر. ليعلم أن اليمين الفاجرة لا تخلو من أحدهما ولا تجرد عنه.

وجاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (اليمين الغموس تدع الديار بلاقع) وإنما سماها غموسا لأنها تغمس الحالف في المآثم، وذلك أنها تقع بنفسها كما يعقد كذبا، فتكون في أغلظ من أن يعقد اللبن ثم يعرض منها الكذب بعدد وبسبب حادث والله أعلم.

وأما الكذب الذي يضربه للكاذب غيره، فيجوز أن بشتمه بالباطل، ويضيف إليه ما يشبه به، ومنه القذف بالزنا وقد شرع في الحد، أو يشهد عليه زورا بمال أو طلاق أو عتاق، أو قتل، فيجمع ذلك ذنوبا منها الكذب، ومنها الإضرار بالمشهود عليه، ومنها أنه نصب نفسه منصب الإمقاء، ونصبه كذلك الحاكم ثم خان.

ومنها الجرأة على الله تعالى، فإنه إنما يشهد عند الحاكم المبعد عن الله تعالى في مجلس

<<  <  ج: ص:  >  >>