للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظاهر هذا أنهم لما قالوا: أسلمنا لله، أو، أسلمنا وجوهنا لله لكانوا مسلمين ويحتمل أن الكافر إذا قيل له: أسلم لله، أو آمن بالله، فقال: أسلمت أو آمنت، كان مؤمنا، وكان ذلك جوابا صحيحا، وهذا ظاهر الآية.

وإن قال: أو من بالله، أو قال: أسلم لله، بهذا أبان، كما أن قول الرجل: أقسم بالله يمين، ولا يحمل على الوعد أن يريده، فإن ادعى أنه أراده، كان القول قوله. فإذا قال الكافر: الله ربي؛ أو قال: الله خالقي، فإن كان من قبل لا يدين دينا فهذا منه إيمان وإن كان من الذين يقولون بقدم أشياء مع الله- تعالى عما يقولون علوا كثيرا- لم يكن مؤمنا حتى يقول: لا قديم إلا الله، وإن قال من فكر: بأن لا خالق إلا الله، لم يكن مؤمنا. لأنهم يقولون: الله خالق ما خلق لكن من أصل قديم.

فإذا قال اليهود المشبه، ويقول: {ليس كمثله شيء}، وإن قال مع ذلك محمد رسول الله، فإن كان يعلم أن محمدا صلى الله عليه وسلم جاء بإبطال التشبيه كان مؤمنا، وإن كان لا يعلم ذلك لم يكن إيمانه بالله حتى يتبرأ من التشبيه، وكذلك الذين يقولون بقدم أشياء مع الله جل ثناؤه، وإن علم أن محمدا صلى الله عليه وسلم جاء بإبطال ذلك فقال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، كان ذلك إيمانا منه، وإن كان لا يعلم ذلك، لم يكن مؤمنا بالله، نازعا عن كفره به حتى يعترف بأنه لا قديم إلا الله.

وإن قال النصراني لا إله إلا الله وكان يعتقد من قبل أن عيسى هو الله لم يكن هذا منه إيمانا بالله عز وجل، وهكذا إن كان يعتقد أن عيسى ابن الله حتى يتبرأ من دينه الأول، فإن قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فهو يعلم أن محمدا صلى الله عليه وسلم جاء بأن الله لم يلد ولم يولد، وأن عيسى عبد الله ورسوله كان إيمانا تاما صحيحا، وإن كان لا يعلم ذلك لم يكن نازعا عن كفره حتى يتبرأ من قوله.

فإن قال قائل: إذا كان من يدخل في الإسلام لا يحتاج في صحة إيمانه محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن يعلم ما الذي جاء به من الشرائع، فلم احتاج إلى أن يعلم أنه جاء بإبطال التشبيه، وبأن لا شيء دون الله قديما حتى يصح إيمانه به!

قيل: الشرائع لا طريق إلى معرفتها إلا السمع وهو يعرض التبديل. فمن صدق بنبوة

<<  <  ج: ص:  >  >>