للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعلي: أسلم! فقال: أنا مسلم، لم يكن بهذا إقرار بالإسلام، لأنه يسمي دينه الذي هو فيه إسلاما، ولم يزل الإسلام اسما للمثبت الموحد.

قال الله عز وجل: {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت، إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي، قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق إلها واحدا ونحن له مسلمون}.

وقال: {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا}.

وقال: {وجاهدوا في الله حق جهاده، هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج، ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل} أن يكونوا. والآن إذ كنت معنى قوله: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك}، فإن كان هذا هكذا، فقد سمى نفسه أيضا مسلما وجميع ذريته الموحدين المسلمين. فإن قال آخر من أولاده المتمسكين بملة من الملل المتقدمة: إني مسلم، فلذلك محمول منه على أنه سمى دينه إسلاما، لا على أنه انتقل من غير الإسلام إلى الإسلام.

وإن قيل لمعطل أسلم، فقال: أنا مسلم، وأنا من المسلمين، كان هذا منه إقرارا بالإسلام، لأن الإسلام اسم الدين وإذا أقر به فقد أقر بالدين بعد إن لم يكن له دين أصلا، إذ المسلم اسم لمتدين معلوم، والمسلمون اسم لمتدينين معروفين. فإذا أقر بأنه منهم أخذ بإقراره.

وأما إذا قال: أسلمت ولم يقل لله، فإن كان ذلك في موضع العقد لم يكن مسلما حتى يقول: أسلمت لله. وإن كان على وجه الإقرار أجراه قبل منه كما أن رجلا لو قيل له: ما فعلت بابنتك؟ فقال: زوجتها. أو: ما فعلت بأمتك؟ قال: بعتها، كان هذا جاريا في هذا الموضع ولا يجري في موضع العقد. وهكذا إن قال المعطل: أنا من المسلمين، وهو يريد العقد لا الخبر لم يتم إسلامه إلا بأن يقول لله، والعقد مقارن للخبر كما ينتبه.

فإن قيل: فقد قال الله عز وجل: {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا

<<  <  ج: ص:  >  >>