للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه أجريت عنه من العقيقة. وكان أحب إلى الحسن رضي الله عنه أن تمضي الأضحية لوجهها ويعق عن نفسه.

فإن احتج محتج بما روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد ما بعثه الله نبيًا. قيل: وجه ذلك عندنا أنه لما استقبل في رتبة النبوة التي لم تكن له من قبل عمر أحد أبدًا، وكانت النبوة سببًا لحياة القلوب وسلامة الأبدان، قرب الله عز وجل في ذلك الوقت قربانًا كما يقرب عن المولود إذا استقبل في الصبي، والفسحة للذين لم يكونا له من قبل عمر أحد أبدًا، إلا أنه قضى بالعقيقة التي يتركها أبوه إذا لم تكن في ذلك الوقت مشروعة لهم تعتد بفعلهم إياها أو تركهم لها. وهذا لم يأمره كل من أسلم أن يعق عن نفسه مع علمه بأنه لم يعق عنه في صغره. وذلك أنهم لما خرجوا من الظلمات إلى النور بالنبي صلى الله عليه وسلم كان خلاصهم خلاصة، والنور الذي يستضيئون به نوره، ولم يكن كل واحد فيهم أكرم به مثله ولو كان ذبح عن نفسه، فطالما ترك ذبحه عنه، أمر به كل من أسلم من الرجال والنساء والله أعلم.

وقد يخرج هذا الحديث على معنى آخر سأذكره بعد هذا إن شاء الله. وأما استحباب الذبح في صدر النهار، فلأن الوقت إذا خل فالمسارعة إلى القربة المشروعة فيه أولى من المدافعة بها، لأن الله عز وجل مدح المسارعين إلى الخيرات وأثنى عليهم، فقال: {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}. وأمر بالمسارعة، فقال: {سارعوا إلى مغفرة من ربكم}. وأيضًا فإن أول النهار أعظم بركة من آخره. ألا ترى أن البكور أعظم بركة من الغدو، فكذلك الغدو أفضل مما يليه، وما دنا منه أفضل مما نأى عنه والله أعلم.

وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم بارك لأمتي في بكورها). وعن صخر الغامدي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اللهم بارك لأمتي في بكورها). وكان إذا بعث سرية أو جيشًا بعثهم في أول النهار. وكان صخر رجلًا تاجرًا، كان يبعث غلمانه أول النهار فأثرى ماله. وأما أن يذبح عن الغلام

<<  <  ج: ص:  >  >>