للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا المعنى لا يستحب له أن يزيد على شاتين، لأن الزيادة لو استحبت له، فكان له ابن وابنة، وأراد أن يعق عن ابنه بثلاث شياه أو بخمس، لم يمكنه أن يعق عن البنت بنصفها. والسنة أن الذبح إذا جاوز أقل النسك تورث بين الغلام والجارية، فوجب أن يكون المقدار والجنس اللذان ورد نص السنة بهما ملتزمين، فنهينا استعمال ما شرع من المقاوتة بين الصنفين، ولا يترقى عنها إلى عدد قد يمكن استعمال ذلك، وقد لا يمكن والله أعلم.

وأيضًا فإن الشاتين حق الغلام نصًا، فلا معنى لاستحباب أن يفوت بهما عن الجارية فيما فوق النص بين الصنفين. ومعلوم أنه إذا استحب ذبح أربع من الغنم عن الغلام، وجب استحباب ذبح اثنتين عن الجارية. فتصير عقيقة الغلام المنصوصة، عقيقة للجارية وخلاف النص بالكراهية أولى منه بالاستحباب والله أعلم.

ويبين ما قلنا أن الله عز وجل لما ورث الأولاد، للذكر مثل حظ الأنثيين فجعل للابن مع البنت ثلثي المال، لم يكن الثلثان نصيب بنت واحدة أبدًا. فكذلك لما جعلت السنة عقيقة الغلام شاتين، لم يجز في الاستحباب وحكم السنة أن تكون الشاتان عقيقة للجارية والله أعلم.

وأيضًا فإن دم العقيقة قربة شرعية لاستشفاء النفس، كما أن الدية وضعت مكان نفس القاتل. وهي في الخطأ نظير القصاص في العمد. وقد وقع النص في هذه الفدية على الغنم، وفي تيك على الإبل. ثم لم يكن للغنم في تلك الفدية مدخل، ووجب أن لا يكن للإبل في هذه الفدية مدخل والله أعلم.

فإن قيل: فكيف يجوز أن يكون الجنس الذي يتقرب به إلى الله عز وجل أعلى وأنفس من الجنس الذي تختر به حقوق الآمنين؟

قيل: لما جاز أن يقع النص في فدية القربة على شاتين، وفي فدية الختر على مائة من الإبل. ويجوز التمسك بشاة واحدة ولا تكون دية النفس أقل من مائة من الإبل فكانت

<<  <  ج: ص:  >  >>