للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن الحسن رضي الله عنه قال: إن الذي كانوا من قبلكم كانوا يأخذون من الدنيا بلاغًا ويتسارعون بالفضل أنفسهم من الله رحمة، رحم الله عبدًا جعل العيش عيشًا واحدة، فأكل كسرة، ولبس خلقًا، ولزق بالأرض واجتهد في العبادة، وبكى على الخطيئة وهرب من العقوبة، وأبقى الرحمة حتى يأتي أجله، وهو كذلك.

وعن الحسن رضي الله عنه قال: المؤمن في الدنيا كالغريبة من دلها ألا تنجزع، ولا تنافس أهلها، في عزها لأهلها حال. وله حال أخرى فداهمته نفسه، والناس منه في راحة، ونفسه منه في شغل. وعن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أحد يوم القيامة غني ولا فقير، إلا ود أن ما كان له من الدنيا قوتًا) وعن محمد بن كعب القرطبي رضي الله عنه قال: إذا أراد الله بعبد خيرًا أزهده في الدنيا، وفقهه في الدين، وبصره عيوبه. ومن أوتيهن، فقد أوتي خيرًا كثيرًا في الدنيا والآخرة.

قال وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما: إنك لن تنال عمل الآخرة بشيء أفضل من الزهد في الدنيا. وعن جعفر بن ثوبان رضي الله عنه قال: بلغني أن وهب ابن منبه قال: أعون الأخلاق على الدين الزهد في الدنيا، وأوشك ردعًا إتباع الهوى. ومن إتباع الهوى الرغبة في الدنيا، ومن الرغبة في الدنيا حب المال، ومن حب المال والصرف استحلال المحارم، ومن استحلال المحارم غضب الله، الداء لا دواء له، إلا رضوان الله، ورضوان الله الدواء الذي لا يضر معه داء، فمن يرد أن يرضي ربه يسخط نفسه ومن لا يسخط نفسه يرضي الله. وقال رجل للحسن رضي الله عنه: أن فقهاءنا يقولون: وقال الحسن: وهل رأيت فقيهًا؟ الفقيه الزاهد في دنياه، البصير بدينه، المداوم على عبادة ربه.

وعن سفيان رضي الله عنه قال: كان بعض أهل العلم يقول: إذا رأيتم الرجل يزهد في الدنيا، فأدنوا منه، فإنه يلقي الحكمة. وعن بكر بن عبد الله المزني قال: كانت امرأة متعبدة باليمن، فإذا أمست قالت: يا نفس الليلة ليلتك، لا ليلة لك غيرها. فاجتهدت، وإذا أصبحت قالت: يا نفس، اليوم يومك، لا يولك لك غيره، فاجتهدت.

<<  <  ج: ص:  >  >>