للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعقار هو الذي ركبها فيما يورى منه لا يستطيعون أن يدعونه أنهم أو آباءهم الأقدمين، الذين هم أودعوهها أياها وركبوها فيها، وإذا كان ذلك من صنعه، كما جمع المتفرق منها في الشجرة عند معالجة الإيراء ثم إخراجها منه صنعه، وإلى ذلك، فهو الذي هداهم أبر النار من الشجرة، ولولا ذلك لما علموا أن الشجر الأخضر الذي جعل قوامه بالماء المطفي النار محلاً للنار، وجامع بينها وبين الماء، ولو شاء عند قعدهم الإيراء أن يحبس النار فعلا ينررها لهم لفعل، وأنه ليس كل قادح يوري وقادح، وأن أمعن لا يورى، لم يجز أن يتوهم أن القدح موجب للإيراء ووجب أن يضاف إلى ذلك إلى السبب الذي لا يختلف وهو إرادة الباري جل ثناؤه وفضله وعطيته، ولا يوصف الشجر بالمجيد من صفات الله تعالى، وهو المجيد والماجد وبالله التوفيق.

وقال جل ثناؤه في آية أخرى: {إن تصبك حسنة تسؤهم، وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل، ويتولوا وهم فرحون} فأخبر نبيه صلى الله عليه وسلم أنه إن أصابته حسنة ساءت المنافقين القاعدين عنه، ويتخطوا إصابتها إياك.

وإن أصابتك مصيبة فرحوا وقالوا: إنا سلمنا مما أصاب غيرنا لأنا احتطنا لأنفسنا بالتخليف عنه، واستقلنا الأمر بواجبه، وحسنا التدبير، فذمهم الله عز وجل وعاب قولهم هذا، وامر النبي صلى الله عليه وسلم أن يخالفهم فيقول: {لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا} أي خالقنا، وهو في أيدي الملائكة ينهظرون فيه ويعلمو منه أحاطة الله تعالى بما هو كائن من أمور عباده قبل أن يكون.

فلا سبيل لأحد الاحتراز من أن يصيبه ما كتب أن يصيبه، ولا إلى الاحتراز ما لم يكتب أن يصيبه، وبالله التوفيق.

وقال عز وجل: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير}.

ثم قال: {لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم}. يحتمل أن يكون المعنى: فاعلموا هذا وأعلمناكم هذا لكيلا تحزنوا على ما يفوت، ولا تفرحوا بما أتى.

<<  <  ج: ص:  >  >>