للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمييز فريق عن فريق عن هذا لاستبقائهم بمناظرهم عما وراءها والله أعلم.

ومن رأى بهذا الرأي فعسى أن يحتج بقول الله عز وجل: {فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون}. فأخبر أنهم يسألهم عن أعمالهم، وهذه الآية في الكافرين. ولمن ذهب المذهب الأول أن يقول: إذا سألهم عن أصل كفرهم ثم تحديهم إياه في كل وقت باستهزائهم بآيات الله ورسوله، فقد سألهم عما كانوا يعملون، وذلك هو المراد بالآية والله أعلم.

فصل

وإذا انقضى الحساب، كان بعده وزن الأعمال للجزاء، فينبغي أن يكون بعد المحاسبة فإن المحاسبة لتقرير الأعمال والوزن لإظهارها معانيها دبرها ليكون الجزاء بحسبها قال جل ثناؤه: {ونضع الموازين القسط يوم القيامة، فلا تظلم نفس شيئا}، {والوزن يومئذ الحق، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون}.

وقال: {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون، تلفح وجوههم النار، وهو فيه كالحون}.

وقال: {فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية وما أدراك ما هيه، نار حامية}.

وفي هذه الآيات كلها أخبار بوزن أعمال الكفار، لأن غاية المعنيين بقول الله تعالى: {خفت موازينه} في هذه الآيات هم الكفار. فإن في أحديهما، {أولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون} والظلم بآيات الله للاستهزاء بها وترك الأذعان لها.

وفي الثانية: {فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون، تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون، ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون}.

<<  <  ج: ص:  >  >>