للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرجح. فيزول حينئذ استواء الحسنات والسيئات والله أعلم.

ألا أن هذا فإن كان هكذا، فقد يجوز أن يكون أصحاب الأعراف قوما كثرت سيئاتهم، ولم يرد الله تعالى أن يحشرهم في النار وينالهم فعذبهم بحر النار وكربها ولم يسلطها على أجسادهم فيحرقها والله أعلم.

وأما قول الله عز وجل، ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم، قالوا: {ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون} فإنما هو أنهم يقولون لقوم من أهل النار هذا فيقول لهم أهل النار في جواب ذلك وأنتم فما أغنى عنكم إيمانا، والله لا يأليكم من الله رحمه فيكذب الله تعالى يمين أهل النار ويقول لهؤلاء: أقسمتم عليهم أي ومن أين أجزتم لأنفسكم أن تحكموا على الله، ثم يقول لأصحاب الأعراف: {ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون} والله أعلم.

ومما يدخل في هذا الباب قول الله عز وجل {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا، ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا} فقيل: أن الورود النظر لا الدخول، ألا ترى أن ورود الماء بلوغ مكانه والوقوف على طرفه لا حوضه، ولا الشروع فيه، وقد أخبر الله عز وجل أنه يحصر الكفار حول جهنم جثيا، والجثو حال المحاسبة، كما يقال عز وجل: {وترى كل أمة جاثية، كل أمة تدعى إلى كتابها}.

فإذا كان موضع الحسنات حول جهنم، وحيث يكون الصراط والمؤمنون والكافرون في ذلك سواء، وذلك هو الورود على هذا الخارج قوله عز وجل {ثم ننج الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا أي تخريج وذلك على وجهين أحدهما ننجي الذين اتقوا بأن نباعد بينهم وبين النار، ونأمر بالظالمين إلى النار ويذرهم فيها.

والآخر: ننجي الذين اتقوا من حول جهنم بالإجازة على الصراط، وإذا أخرجناهم سلطنا النار على الظالمين الذين كانوا جثيا، فأخذتهم على حال جثوهم بركبانهم، فيها. وهذا على أن ذلك المكان يصير من جهنم بمزايلة المؤمنين إياه، وإن الكفار يجازون على الصراط المستقيم، والله أعلم،

<<  <  ج: ص:  >  >>