للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القدر، ويعارضون به الشرع، ويحتجون به على الشرك والذنوب، كما قال الله تعالى عن المشركين: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:١٤٨]، وهي كلمة حق أريد بها باطل، وهي حجة داحضة، ولله الحجة البالغة.

يقول الشيخ -رحمه الله-: فلا نجعل القدر عذراً لنا في مخالفة أوامر الله ونواهيه، بل نعترف بذنوبنا، ونستغفر الله منها، ونؤمن بأن الحجة لله علينا، بإرسال رسله، وإنزال كتبه، وأن ليس للناس حجة على بعد ذلك: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء:١٦٥].

قوله: ((واجتناب نواهيه)): عطف على ((أوامره) والتقدير: في ترك أوامره، وترك اجتناب نواهيه.

والاحتجاج بالقدر على الذنوب هو سبيل إبليس وأتباعه، كما قال الله تعالى عنه: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} [الأعراف:١٦].

قوله: ((ونعلم أن الله سبحانه وتعالى ما أمر ونهى إلا المستطيع للفعل والترك، وأنه لم يجبر أحداً على معصية، ولا اضطره إلى ترك طاعة، قال الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:٢٨٦]، وقال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:١٦]، وقال تعالى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [غافر:١٧]، فدل على أن للعبد فعلاً وكسباً، يجزى على حسنه بالثواب، وعلى سيئه بالعقاب، وهو واقع بقضاء الله وقدره)): أراد الشيخ -رحمه الله- بهذا الفصل الرد على الجبرية

<<  <   >  >>