للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبيانًا للناس، وأمر الرسول أن يبلغ البلاغ المبين، وأن يبين للناس ما نُزِّلَ إليهم وأمر بتدبر القرآن وعقله، ومع هذا فأشرف ما فيه وهو ما أخبر به الرب عن صفاته لا يعلم أحد معناه فلا يُعْقَل ولا يُتَدبر، ولا يكون الرسول بين للناس ما نزل إليهم، ولا بلغ البلاغ المبين، وعلى هذا التقدير فيقول كل ملحد ومبتدع: الحق في نفس الأمر ما علمته برأيي وعقلي، وليس في النصوص ما يناقض ذلك؛ لأن تلك النصوص مشكلة متشابهة، ولا يعلم أحد معناها، وما لا يعلم أحد معناه لا يجوز أن يستدل به، فيبقى هذا الكلام سدًا لباب الهدى والبيان من جهة الأنبياء، وفتحًا لباب من يعارضهم، ويقول: إن الهدى والبيان في طريقنا لا في طريق الأنبياء؛ لأننا نحن نعلم ما نقول ونبينه بالأدلة العقلية، والأنبياء لم يعلموا ما يقولون فضلًا عن أن يبينوا مرادهم، فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع والإلحاد. اهـ. كلام الشيخ؛ وهو كلام سديد من ذي رأي رشيد، وما عليه مزيد - رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وجمعنا به في جنات النعيم -.

التعليق

هذه القاعدة هي مضمون القاعدة الخامسة في التدمرية؛ يقول شيخ الإسلام: (القاعدة الخامسة: أنا نعلم ما أخبرنا به من وجهٍ دون وجه، فإنَّ الله - تعالى - قال: " أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا " [النساء: ٨٢]، وقال: " أفلم يتدبروا القول " [المؤمنون: ٦٨]، وقال: " كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب " [ص ٢٩]، وقال: " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها " [محمد: ٢٤]

<<  <   >  >>