للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجعلهم بهرجا أينما ثقفوا ورواه ابن أبي حاتم وزاد: "فإياكم ومخالطة هذه البيوع من الربا، فإن الله قد أوسع الحلال وأطابه فلا يلجئنكم إلى معصيته فاقة وقال الربيع بن أنس: "أوعد الله آكل الربا بالقتل" رواه ابن جرير.

وذكر القرطبي في تفسيره عن ابن خويز منداد أنه قال: "لو أن أهل بلد اصطلحوا على الربا استحلالا كانوا مرتدين والحكم فيهم كالحكم في أهل الردة، وإن لم يكن ذلك منهم استحلالا جاز للإمام محاربتهم، ألا ترى أن الله -تعالى- قد أذن في ذلك فقال: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} ".

وذكر أيضًا عن ابن بكير قال: "جاء رجل إلى مالك بن أنس فقال: يا أبا عبد الله، إني رأيت رجلا سكران يتعاقر يريد أن يأخذ القمر فقلت امرأتي طالق إن كان يدخل جوف ابن آدم أشر من الخمر، فقال: ارجع حتى أنظر في مسألتك، فأتاه من الغد، فقال له: ارجع حتى أنظر في مسألتك، فأتاه من الغد، فقال له: امرأتك طالق، إني تصفحت كتاب الله وسنة نبيه فلم أر شيئا أشر من الربا؛ لأن الله أذن فيه بالحرب".

وقال محمد بن يوسف الكافي التونسي في كتابه المسمى بـ (المسائل الكافية) ما نصه: " (المسألة الخامسة والعشرون): من استحل شيئا من الخبائث كالخمر والزنا والربا والمكس أو شكَّ في تحريمه أو تأوَّل تأويلا فاسدا خرق به الإجماع كتأويل بعض الفسقة في آية الربا فقال إن المحرم منه ما كان أضعافا مضاعفة وأما إذا كان قانونيا كخمسة في المائة مثلا فلا حرمة، وذلك كذب وافتراء على الله -تعالى-، بل الربا قليله وكثيره في الحكم سواء، ومفهوم (أضعافا مضاعفة) في قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} معطل ليس عليه عمل، أو معتبر ونسخ بآية {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} ويشهد لما قلته ما ذكره العلامة أبو بكر الجصاص في أحكامه، قال -رحمه الله تعالي- في قوله -تعالى-: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً}: "قيل في معنى أضعافا مضاعفة وجهان: أحدهما: المضاعفة بالتأجيل أجلاً بعد أجل ولكل أجل قسط من الزيادة على المال، والثاني: ما يضاعفون به أموالهم، وفي هذا دلالة على أن المخصوص بالذكر لا يدل على أن ما عداه بخلافه؛ لأنه لو كان كذلك لوجب أن يكون ذكر تحريم الربا أضعافا مضاعفة دلالة على إباحته إذا لم يكن أضعافا مضاعفة، فلما كان الربا محظورا بهذه الصفة وبعدمها دل ذلك على فساد قولهم في ذلك، ويلزمهم في ذلك أن تكون هذه الدلالة منسوخة بقوله -تعالى-: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} إذ لم يبق لها حكم في الاستعمال". انتهى، فمن استحل شيئا من تلك الخبائث يكفر لمعارضة قول الله -تعالى-: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} ". انتهى كلام الكافي.

<<  <   >  >>