للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأما القول في القرآن بغير علم فهو حرام وكبيرة من الكبائر بدليل ما جاء من الوعيد الشديد عليه، وذلك فيما رواه الإمام أحمد والترمذي وابن جرير والبغوي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار» قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وفي رواية للترمذي وابن جرير والبغوي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» قال الترمذي: "هذا حديث حسن"، قال البغوي: قال شيخنا (١) الإمام: "قد جاء الوعيد في حق من قال في القرآن برأيه وذلك فيمن قال من قِبل نفسه شيئا من غير علم". انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "من فسَّر القرآن والحديث وتأوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين فهو مفترٍ على الله ملحد في آيات الله محرِّف للكلم عن مواضعه". انتهى.

وأما إجماع المفسرين على أن المعنى لا يقومون من قبورهم في البعث إلا كالمجنون فقد ذكره ابن جزي في تفسيره، وقال ابن عطية في تفسيره: "إن هذا التأويل مجمع عليه ... قال: ويقويه أن في قراءة عبد الله بن مسعود لا يقومون يوم القيامة إلا كما يقوم". وقال الماوردي في تفسيره: "يكون ذلك في القيامة علامة لآكل الربا في الدنيا".

وقال النسفي: "المعنى أنهم يقومون يوم القيامة مخبلين كالمصروعين، تلك سيماهم يعرفون بها عند أهل الموقف"، وروي ابن جرير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "ذلك حين يبعث من قبره"، وقال ابن عطية في تفسيره: "قال ابن عباس -رضي الله عنهما- ومجاهد وابن جبير وقتادة والربيع والضحاك والسدي وابن زيد، معنى قوله: (لا يقومون) من قبورهم في البعث يوم القيامة، قال بعضهم يجعل معه شيطان يخنقه، وقالوا: كلهم يبعث كالمجنون عقوبة له وتمقيتا عند جمع المحشر". انتهى.

وقد ذكرت هذه الأقوال في الفائدة الرابعة من فوائد الآيات الدالة على تحريم الربا، وإنما أعدتُ ذكرها في هذا الموضع تنبيها على جراءة الفتان على القول في القرآن بغير علم وجراءته على مخالفة أهل العلم من الصحابة والتابعين.

وأما قوله: وقد جرى كثير من المفسرين على أن القيام في هذه الآية هو القيام .....


(١) هو القاضي حسين بن محمد. تراجع الحاشية في ص٩.

<<  <   >  >>