للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: «الرؤيا ثلاثة» فيه بيان أن ليس كل ما يراه الإنسان في منامه يكون صحيحًا، ويجوز تعبيره، إنما الصحيح منها ما كان من الله عز وجل، يأتيك به ملك الرؤيا (١) من نسخة أم الكتاب، وما سوى ذلك أضغاث أحلام لا تأويل لها.

وهي على أنواع قد يكون من فعل الشيطان يلعب بالإنسان، أو يريه ما يحزنه، وله مكايد يحزن بها بني آدم، كما أخبر الله سبحانه وتعالى عنه: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [المجادلة: ١٠].

ومن لعب الشيطان به الاحتلام (٢) الذي يوجب الغسل، فلا يكون له تأويل.

وقد يكون ذلك من حديث النفس، كمن يكون في أمر، أو حرفة يرى نفسه في ذلك الأمر، والعاشق يرى معشوقه ونحو ذلك, فلا تأويل لشيء منها (٣).

وفي بيان هذه الأقسام يقول ابن العربي المالكي رحمه الله تقسيمه الرؤيا على ثلاثة أقسام، هي قسمة صحيحة مستوفية للمعاني، وهي عند الفلاسفة على أربعة أقسام بحسب الطبائع الأربع.

وإنما الصحيح ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي الرؤيا البشرى إما بمحبوب وإما بمكروه، وإما تحزين من الشيطان يضرب له الأمثال المكروهة الكاذبة


(١) سوف يأتي إن شاء الله، التفصيل في مسألة ملك الرؤيا، عند الحديث عن أقسام الرؤيا الصالحة.
(٢) قال في (لسان العرب) (١٢/ ١٤٥) الاحتلام: الجماع ونحوه في النوم.
(٣) شرح السنة (١٢/ ٢١١).

<<  <   >  >>