للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالحاصل أن الرؤيا الصالحة فيها إشعار للمؤمن بخبر سيقع ليغتنمه أو شرع سيقع ليحذره ويتجنبه ويأخذ أهميته واستعداده، فهي من هذا الوجه جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة، لأن فيها أخبارًا لهذا المؤمن بأمر غيبي لم يقع، وإن كان لا يمكن الجزم والقطع بهذه الرؤيا، إلا إذا وقعت، لأنه قد يخطئ الذي يعبرها وقد تكون على خلاف ما ظنه.

وفي جواب للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عندما سئل عن معنى قوله النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة» أجاب بقوله: معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: «رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة» أن رؤيا المؤمن تقع صادقة, لأنها أمثال يضربها الملك للرائي، وقد تكون خبرًا عن شيء واقع، أو شيء سيقع، فيقع مطابقًا للرؤيا فتكون هذه الرؤيا كوحي النبوة في صدق مدلولها، وإن كانت تختلف عنها، ولهذا كانت جزءًا من ستة وأربعين جزءًا من النبوة (١).

[المسألة الثالثة: مواقف العلماء من اختلاف الروايات في تحديد أجزاء النبوة]

الأحاديث السابقة وإن اختلفت ألفاظها فإنها متفقة على أن الرؤيا الصالحة جزء من أجزاء النبوة، وإنما اختلفت الروايات في أمرين:

الأمر الأول: فيمن أضيفت إليه الرؤيا سكت عنه مرة، وذكره مرة أخرى، وسوف أُفَصِّل القول فيه، إن شاء الله في المسألة الرابعة.

الأمر الثاني: في تحديد أجزاء النبوة، التي جعلت الرؤيا الصالحة جزءًا منها، ففيه من الروايات ما تقدم ذكره من ستة وعشرين، وأربعين وأربعة


(١) المجموع الثمين من فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (١/ ٢٠٥).

<<  <   >  >>